وبل فسح وجاد فأنعم فقمس الربى وأفرط الزبى سبعاً تباعاً لا يريد انقشاعا حتى ارتوت الحزون وتحضحضحت المتون ساقه ربك إلى حيث شاء كما جلبه من حيث شاء. الدث والبغش المطر الخفيف، والقطقظ المطر الصغار، وقوله أنعم أي بالغ من قولهم دقه دقاً ناعماً، وقمس أي غوص، وأفرط ملأ. والزبي جمع زبيه وهي حفرة تحفر للأسد ويجعل فيها طعم فيجئ حتى يقع فيها ولا تحفر إلا في مكان عال فإذا بلغها السيل فهو الغاية وفي المثل بلغ السيل الزبى والمتن صلابة من الأرض فيها إرتفاع، وتضخضح أي صار عليه ضحضاح وهو الماء يجري على وجه الأرض رقيقاً. وأنشدنا أبو أحمد عن أبيه عن ابن أبي طاهر عن ابن الأعرابي لأعرابية:
(فبينا نرمَقُ أحشاءَنا ... أضاءَ لنا عارضٌ فاستنارا)
(فأقبل يزحفُ زَحفَ الكسير ... سياقَ الرعاءِ البطاء العشارا)
(تعني وتضحك حافاتهُ ... أمامَ الجنوبِ وتبكي مرارا)
(كأنا تضئ لنا حُرة ... تشدُ إزاراً وتلقي إزارا)
(فلما حسبنا بأن لا نجاءَ ... وأن لا يكون فرارٌ فرارا)
(أشارَ له آمرٌ فوقهُ ... هَلمَ فأمَ إلى ما أشارا)
وأنشدنا لغيرها: تبسمتِ الريحُ ريحُ الجنوبِ ... فهاجتْ هوىً غالياً وادِّكارا)
(وساقَت سحاباً كمثلِ الجبالِ ... إذا البرقُ أومضَ فيه أنارا)
(إذا الرعدُ جلجلَ في جانبيهِ ... فروى النباتَ وأروى الصحاري)
(تطلعنا الشمسُ من دونهِ ... طلاعَ فتاةٍ تخافُ اشتهارا)
(تخافُ الرقيبَ على سِرها ... وتحذرُ من زوجها أن يغارا)
(فتسترُ غُرَّتها بالخمارِ ... طوراً وطوراً تزيلُ الخمارا)
وقد مرت هذه الأبيات الثلاثة قبل: