(كأنَ أباناً في أفانين وبلهِ ... كبيرُ رجالٍ في بجادٍ مُزملِ)
يقول كأن أبانا وهو جبل من التفاف قطره وتكاثفه في الهواء شيخ في كساء، وخفض مزمل على الجواب وهو نعت كبير كما تقول جحر ضبٍ خربٍ. وقالوا أجود ما قيل فيه قول أبي ذؤيب:
(لكلِّ مسيلٍ من تهامة بعد ما ... تقطع أقرانُ السحابِ عجيج)
وهذا مع جودة معناه فصيح جداً.
وأخبرنا أبو أحمد عن أبيه عن عسل بن ذكوان قال قال الأصمعي قلت لأبي عمرو ما أحسن ما قيل في المطر فقال قول القائل:
(دانٍ مسفٍّ فويقَ الأرضِ هيدبهُ ... يكادُ يدفعُه من قامَ بِالراحِ)
(فمن بنجوته كمن بعُقوته ... والمستكن كمن يمشي بقَرواحِ)
يقول قد عم هذا السحاب فاستوى في شيم برقه وأصاب مطره المنجد والغائر والمستكن والمصحر، قرب من الأرض لثقله بالماء حتى يكاد يدفعه القائم براحته وهذا غاية الوصف. ومن أبلغ ما جاء في ذلك من نثر الأعراب ما
أخبرنا به أبو أحمد عن أبي بكر بن دريد عن أبى حاتم وعبد الرحمن عن الأصمعي قال سألت أعرابياً من عامر بن صعصعة عن مطرٍ أصاب بلادهم فقال نشأ عارضاً فطلع ناهضاً ثم ابتسم وامضاً فاعترض الأمطار فأعشاها وامتد في الآفاق فغطاها ثم ارتجز فهمهم ثم دوي فأظلم فأرك ودث وبغش ثم قطقظ فأفرط ثم ديم فأعمط ثم ركد فأجثم ثم