ما قاله فما لا يقول مثله زهير كان غيره أبعد منه.
أخبرنا أبو أحمد أخبرنا أبو بكر بن دريد عن السكن بن سعيد عن محمد بن عباد قال سمعت أبا عبد الله نفطويه يذكر عن الفراء قال قال الكسائي حضرت مجلساً للخليل بن أحمد وقد جمع بينه وبين يونس بن حبيب عند العباس بن محمد في مفاتقه اللغات ومجاريها ونوادر الإعراب ومذاهب العرب ومجازها وأخبارها فكان الخليل كالسابق قرن به ذو الزوائد الحطم في حلبة المضمار إلى أن تذاكروا الأشعار والشعراء فأكثر يونس من ذكر زهير وتقديمه وذكر الخليل النابغة وقدمه وعظم أمره فقال العباس للخليل بم تذكر النابغة قال كان النابغة أعذب على أفواه الملوك وأبسط قوافي شعر كأن الشعر ثمرات تدانين من خلده فهو يجتنيهن اختياراً، له سهولة السبك وبراعة اللسان ونقاية الفطن لا يتوعر عليه الكلام لعذوبة مخرجه وسهولة مطلبه.
أخبرنا شيخ لباهلة يكنى أبا جحار أن النابغة وفد على النعمان معتذراً من تلك البلاغات ومعه اعتذاره الذي يقول فيه:
(فإنك كالليل الذي هو مدركي)
فقال النعمان أقبل منك عذرك وأصفح لقدرك عنك ثم أمر فخلع عليه خلع الرضا وكن حبرات خضرا مطرفة بالدر في قضب الذهب وانصرف إلى منزله. قال الباهلي وإن النابغة جاء يوماً مستأذناً معتذراً فقال له الحاجب الملك على شرابه قال فهو وقت الملق والشعر تقبله الأفئدة عند السكر فإن يبلج لي فلق المجد عن غرر مواهبه فأنت قسيم ما أفدت. فقال الحاجب والله ما تفي عنايتي بك بدوت شكرك لي فكيف أرغب فيما تصف ودون ما ترغب رهبة التعدي فهل من سبب يمكن الاستئذان. فقال النابغة فعلت ما يجب عليك في الأدب وقضاؤها معقود