هو البحر يروى حولَ شطَّيه واردٌ ... ويغرق من قدْ لجَّ فيه ولججا
له قلمٌ يحمِي الحمى برقاعه ... ويكتب بالنعمى وبالعلمِ مزوِجا
إذا قالَ لم يترك لذي القول موضعاً ... وإن صالَ لم يترك لذي الصوْل موْلجا
فكم من بليغٍ في الورى متفصحٍ ... وعَى لفظةً من كتبه فتلجلجا
وكم من كميّ صار كالدّجّ حيرة ... فلا غرْوَ إن قالوا لكميّ المدَججا
وكم منهجٍ في القولِ أرشدنِي له ... وكم أملٍ أنشاه لي حين أنهجا
وكم كسوةٍ لي في دمشقَ أفادها ... وقد كانَ ظهري من أذى البردِ أعوجا
وكم أنطقتْ نعماه منِّي مدائِحاً ... سرى ذكرها غرباً وشرقاً فأدلجا
وروّى نباتياً من القولِ طالما ... سقاهُ أبوهُ الغيث نوا مثججا
أبا الخير خذها من ثنائِي كرائِماً ... أبت عن سوى أكفائها أن تزَوّجا
أوانس أبكارٍ يحقُّ لحسنِها ... على ساكنِ الأمصارِ أن يتبرَّجا
تهبُّ للقياها الكرامُ من الحيا ... ويجرِي بذكراها المطيّ على الوجا
لها إن تقمْ في دارَةِ الأفقِ منزلٌ ... وإن تسرِ حلت من ثرياه هوْدَجا
وقال أيضاً:
البسيط
مدَّت إليك المعالي طرفَ مبتهجٍ ... وأعربتْ بلسانِ المادح اللهج
وأشرق المنبرُ المسعودُ طالعهُ ... بخير بدرٍ بدا في أشرفِ الدّرج
خطبت بالشامِ لما أن خطِبتَ له ... فاهنأ بمتفق اللفظين مزْدَوِج
يا حبَّذا أفقٌ عطرتَ جانبه ... حتَّى اسْتدلَّ بنو الآمال بالأرَج
صدر العلى فتمكن بالجلوس به ... فقد جلست بصدرٍ غير ذي حرج
وأصدَع برأيك لا لفظ بمحتبسٍ ... إذا خطبت ولا فكرٌ بمنزعج
تصبو الورى لسواد قد ظهرت به ... كأنَّما من حكته أسود المهج
عينُ الزمان تحلى في ملابسه ... وإنَّما تتحلَّى العينُ بالدَّعج
أعظم بها من مساعٍ عنك سائرةً ... فقد سلكت طريقاً غير ذي عوج
ولَجتَ للعلمِ أبواباً متى خطرت ... بها العزائم أبوابَ العلى تلج
ودافعت يدك الآمال جائدة ... تدَافعَ السيل في أثناءِ منعرج