فما رفعت إلاَّ عليهِ بيوتها ... ولا نصبتْ إلاَّ إليه فجاجها
بأقلامهِ تُحمى البلادُ وتحتوى ... فيا حبَّذا من تاجها ورتاجها
كأنَّا ظُبا أقلامهِ في طروسهِ ... أسنةُ جيشٍ والمداد عجاجها
لها من عيونِ اللفظ كلّ بديعةٍ ... يبشر أفكار الرُّواة اختلاجها
يروقك في سحرِ البيان وإنَّما ... يَرُوعَك من مثلِ الضَّلالِ مجاجها
بهِ انْتظمت خير العقود وثقفت ... فهوم البرايا زيغها واعْوجاجها
ثوى بحرها في ساحلِ الشامِ وانْبرت ... لآلِ نماها عذبها لا أجاجها
يكفُّ كريم الأصل من طرفِي علًى ... يصوب نداها أو يصول هياجها
أخو شيمٍ قد سلمت لفخارِها ... مفاخر قومٍ كانَ حمَّا حجاجها
كأنَّ دروجَ الخطّ منه لحسنها ... خصورُ ملاحٍ يستبين انْدماجها
كأنَّ صِلات البرِّ عند نوالهِ ... صَلاةٌ يوفي نقصها وخدَاجها
فأحسنُ من صوبِ السحاب هباتهِ ... وأحسنُ من تلكَ الهبات رواجها
لئن قصَّرت أفكارنا عن مديحهِ ... لقد طالَ في ليلِ السطورِ ادِّلاجها
لئن كانَ أخلى فجّ مصرَ لقد سرى ... فقالت لمرآه العزيز العجاج ها
أمولايَ لي شوقٌ مورِّق مقلة ... ضعيف على بحث السهاد احْتجاجها
فللسهدِ ما طافت عليهِ جفونها ... وللدَّمعِ ما دارت عليهِ فجاجها
بعثت مدى الأيَّام تحتِي سيادة ... لبيتك قد جلَّت وجلَّ نتاجها
فلا سؤددٌ إلاَّ إليكَ معاده ... ولا مدحةٌ إلاَّ إليكَ معاجها
وقال أيضاً
الطويل
حلفت بليلِ الشعر منه إذا سجى ... وضوء الضحى من وجهه متبلِّجا
ومن أدمعِي بالمرسلاتِ من الأسى ... ومن أضلعي بالموريات من الشجى
لقد ألجم العذَّالَ وجه معذِّبي ... وقد لاحَ في جنحِ الظلامِ فأسرجا
وفرج غمِّي ذات يوم بِزَوْرةٍ ... فقلت لعينيَّ انظرا وتفرَّجا
ظلاماً وبدراً فوق غصنٍ على نقا ... دجى وتجلَّى وانْثنى وترَجْرَجا
وخدًّا كفاني صبوَةً شمُّ وردهُ ... فكيف وقد زاد العذار بنفسجا