إلاَّ ذوي كلمٍ لو أنَّ محتسباً ... تكلمت من جميع القوم هامات
يزاحمُون بأشعارٍ ملفَّقةٍ ... كأنَّها بين أهلِ الشعرِ حشوات
ويطرحون على الأبوابِ من حمقٍ ... قصائِداً هي في التحقيق بابات
من كل أبلهَ لكن ما لفطنتِه ... كالبُلهِ في هذه الدنيا لإصابات
يحمّ حين يعاني نظمَ قافيةٍ ... عجزاً فتظهرها تلك الخرافات
ويغتدِي فكرهُ المكدودُ في حرَقٍ ... وقد أحاطت بما قالَ البرودات
وقد يجيء بمعنىً بعد ذا حسنٍ ... لكن على كتِفَيهِ منه كارات
أعيذُ مجدَكَ من ألفاظِهم فلها ... جنىً كأنَّ معانيهم جِنايات
لا يغرهم بندىً يأتيهمُ فكفى ... مدحاً بأن يتأتَّى منك إنصات
إن لم تفرِّق بفضل بين نظمهمُ ... وبين نظمي فما للفضلِ لذَّات
حاشاك أن تتساوى في جنابك من ... قصائدِ الشعر سوْآتٌ وجَبهات
خذْها عروساً لها في كلّ جارحةٍ ... لواحظٌ وكؤسٌ بابليَّات
أوردت سؤددك الأعلى مواردَها ... وللسها في بحارِ الأُفقِ عبَّات
شمَّاء يرْكعُ نظمُ الناظمين لها ... كأنما ألفاتُ الخطِّ دالات
نعم الفتَى أنتَ يستصغى الكلام لهُ ... حتَّى تسير لهُ في العقلِ سوْرَات
ويطرب المدحُ فيه حينَ أكتبه ... كأن منتصب الأقلامِ نايات
ما بعد غيثك غيثٌ يستفادُ ولا ... من بعدِ إثبات قولِي فيكَ إثبات
خصصت بالمدحِ اللاتي قد ارْتفعت ... منِّي الثناء ومن نعماك آلات
فسدْ وشدْ وابقَ ما دامَ الزمانُ ففي ... بقياك للدِّين والدُّنيا عنايات
حزتَ المحامِد حتَّى ما لِذي شرفٍ ... من صورةِ الحمدِ لا جسمٌ ولا ذات
وقال وزيرية
الطويل
نزحت لبينِ النازحين مدامعِي ... وعادوا فعادت رُجَّعاً عبرَاتي
وكنتُ من الأفكارِ والدمع بعدهم ... كأنِّيَ في بحرٍ من الظلمات
كأنِّيَ معكوسٌ من السهدِ والأسى ... فليلِي معاشِي والنهارُ سباتي
بعادٌ وقربٌ فيهما النوحُ والبكا ... أعلِّمُ وُرْقَ الطيرِ في الوَكنات