ولا مثالَ لما شادتْ عزائمه ... إلاَّ إذا نيلت الشهبُ المنيرات
في كل يومٍ دروسٌ من فوائده ... ومن بوادئِ نعماه إعادات
صلَّى وراءَ أياديهِ الحياء فعلى ... تلك الأيادِي من السحبِ التحيات
وصدَّ عمَّا يروم اللوم نائله ... فما تفيد ولا تجدِي الملامات
يرامُ تأخيرُ جدواه وهمتهُ ... تقول إيهاً فللتأخير آفات
من معشر نجب ماتوا وتحسبهم ... للمكرُمات وطيب الذكر ما ماتوا
ممدّحين لهم في كلّ شارقةٍ ... برٌّ وتحت سجوف الليل إخبَات
لا تشتكي الجور إلاَّ من تعاندهم ... ولا تذمهمُ في المحلِ جارات
ولا تسوق رياح المزنِ أيسر ما ... ساقتهُ تلك النفوس الأرْيحيَّات
بيتٌ أتمتْه أوصافُ الكمال كما ... تمت بقافيةِ المنظومِ أبيات
ما روضة قلدت إحياء سوسنها ... من السحابِ عقودٌ لؤلؤيات
وخطَّتِ الريحُ خطاً في مناهلها ... كأن قطرَ الغوادي فيه جريات
وللجداولِ تصفيقٌ بساحتِها ... والقطر روضٌ وللأطيارِ رنَّات
يوماً بأبهجَ من أخلاقهِ نظرا ... أيَّام تعْيي السجيَّات السخيات
ولا الشموسُ بأجلى من فضائلِهِ ... أيام تدجو الظنون اللوذعيَّات
ولا النجومُ بأنأى من مراتبه ... أيَّام تقتصر الأيدِي العليات
قدرٌ علا فرأى في كلّ شمس ضحىً ... جماله فكأنَّ الشمس مرآة
وهمَّةٌ ذكرها سارٍ وأنعمها ... فحيثما كنت أنهارٌ وروضات
يا ابنَ المدائحِ إن أمدحْ سواك بها ... فتلك فيهم عوارٍ مستردات
لي نيَّةٌ فيك إذ لي فيهمُ كلمٌ ... وإنَّما لبني الأعمالِ نيَّات
الله جارك من ريبِ الزمانِ لقد ... تجمَّعت للمعالي فيك أشتات
جاورت بابك فاسْتصلحت لي زمنِي ... حتى صفَا وانْقضت تلك العداوات
ونطَّقتني الأيادي بالعيونِ ثنىً ... فللكواكبِ كالآذانِ إنصات
وبتُّ لا أشتكِي حالاً إذا شكيت ... في بابِ غيرك أحوال وحالات