كأنَّ صرعى وحشها كفار ... الموت عقبى أمرها والنار
للمرء فيها منظرٌ أحبّه ... يملأ من لحمٍ وشحمٍ قلبه
لله ذاكَ المنظر المهنى ... إنّ معان عن ذراه عدنا
قد ملئت من ظفر أيدينا ... وقد شكرنا الفضل ما حيينا
نشير حول الملك المنصور ... كالشهب حول القمر المنير
محمدٌ ناصر دين أحمد ... الملك ابن الملك المؤيد
قالَ الأنام حظّه جليّ ... قلتُ نعم وجدُّه عليّ
ذاكَ الذي ساما العلى صبيًّا ... وجاءه من مهده مهديا
ناش على الحرِّ وتقليب المنن ... كأنما مزجته من اللَّبن
بين حجور العلم والأعلام ... تكنفه لواحظ الأقلام
محكم السطوة سحَّاح الديم ... يأخذ بالسيفِ ويعطي بالقلم
لو لمس الصخر لفاض نهرا ... أو صحب النجم لعاد بدرا
تختمت بيُمنه المكارمُ ... فهو على كلِّ الوجوه حاتمُ
لا ظلم تلقى في حماه العالي ... إلاَّ على الأعداء والأموال
أما ترى بالصيدِ فرط حبّه ... تمرنا على اعتياد حربه
أما ترى الدينار منه خائفا ... أصفر في كفِّ العفاة ناشفا
يا قاطعاً عرض الفلا وواصلاً ... وقادماً يبغي العلا وراحلا
إذا تأمَّلت المقام الناصريّ ... فاعْقد عليهِ أكرم الخناصر
ملك إذا حققته قلت ملك ... قاضية بسعدِهِ أيدِي الفلك
كالبدر في سنائِهِ وتمِّهِ ... والطود في وقاره وحلمه
تسجد إن لاحَ رؤوس العالم ... وراثة قد حازها من آدم
ما ضرَّ من خيَّم في جنابه ... أن لا يكون الشهد من أطنابه
مرأى يشفُّ عن فخارِ الأهل ... ونسخة قد قوبلت بالأصل
جنابه عن جاره لا ينكب ... وباب نجح للمنى مجرَّب
غنِيتُ في ظلالِهِ عن الورى ... غنى نزيل المزن عن قصد القرى
ورحت عن نعماه بالتواتر ... أروي أحاديث عطا وجابر