وما الشمس في أفقِ السماء منيرة ... تخال بها من ضحوة الغيظ أثكلا

بأوضح للأبصارِ من مجدِه الذي ... توقَّد حتَّى لم تجد متوقّلا

ثنى رجله فوق النجوم ولو علتْ ... وطالتْ ثنى باعيه أعلى وأطولا

وما روضة خاطت بها إبرة الحيا ... من الودق ثوباً علق الوشي مسبلا

بأعبق من أوصافه الغرُّ نفحةً ... وأبرع من ألفاظِه الزهر مجتلى

أوابد قد أعيى امرئ القيس قبلنا ... سنا نجمها الهادِي فماتَ مضلَّلا

له راحة ضمَّت يراعاً ومرهفا ... كأنَّهما زاداه بالمكثِ أنملا

يراعاً إذا مدَّته يمناه بالندى ... رأيت عباب البحر قد مدَّ جدولا

وسيفاً كأنَّ القين سوَّاه جذوةً ... فلو لو يعاهد بالطلا لتأكَّلا

مبيد لو أنَّ المرء ضاعف درعه ... ومثله في نفسه لتجدَّلا

يؤيد خدّيه يدٌ ضربت به ... دراكاً فما تحتاج كالبيض صيقلا

ألا رُبَّ شأوٍ رامه فتسهَّلت ... رباه وصعبٍ راضه فتذلَّلا

وجيشٌ كأن الجوّ قد مدَّ أنجماً ... عليه ووجه الأرض أنبت دبَّلا

كأن عتاق الطير بين رماحه ... بنودٌ تهاوى للطعان وتعتلى

إذا نبضت يوماً بوادي قسيه ... تلبس ثوب النقع بالنبلِ مجملا

رماه بعزمٍ فانْجلى ليل خطبه ... ولو رامه الصبح المنير لما انْجلى

وذي ظمأة بادِي الخمول توعَّرت ... عليه مساري الرزق حتَّى تحيلا

علا وارْتوى لما دعاه كأنما ... يشافه من حوضِ الغمامة منهلا

وبيداء مقفار إليه قطعتها ... فلاقيتَ معلوماً وفارقت مجهلا

وقلت لخليّ أنزلاني فهذه ... منازله ثمَّ اعقلا وتوكَّلا

هنالك عاهدت الرياض أنيقة ... ترفّ وجاورت الغمائم همَّلا

وقضَّيت في ظلِّ النعيم ليالياً ... لو انْتقضت كانت كواكب تجْتلى

ولا عيبَ في نعمائها غير أنَّها ... تجود متوهي الكاهل المتجمِّلا

وإني إذا أجهدتُ مدحي فإنَّما ... قصاراي منها أن أقول فأخجلا

لبابك يا ابن الأكرمين بعثتها ... أؤانس من مدحٍ عن الغيرِ جُفَّلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015