ومن جودِ مولانا علاً ومناصبٌ ... وعلمٌ لنظَّام الثناء وتبيان
ولا عيبَ في نعمائهِ غير أنَّها ... لأعناق أحرار البريّة أثمان
ولا عيبَ أيضاً في بديعِ كلامهِ ... سوى أنَّه بالحسِ للناسِ فتَّان
خطاب كذوْب الشهد في فمِ ذائقٍ ... ولكنه في مهجة الضدّ خطبانُ
رقيق فما الصهبا لديه ذكية ... وجزل فما الرمح المدرَّب ملسان
مضى وبدا عبد الرَّحيم وأحمد ... فلله آثارٌ كرُمنَ وأعيان
ولله من لفظِ ابن يحيى وفضله ... علينا مدَى الأيَّام روحٌ وريحان
وزيرٌ له الحسنى صفاتٌ وكاتبٌ ... عليهِ لأوضاع السيادة عنوان
محيط الندَى بالعالمين كأنَّما ... لهُ الأرض دارٌ والبرية ضيفان
وكافل أمر الملك حتَّى كأنما ... هو الروح والملك المحرّك جثمان
وبالغها في مرتقى المجد رتبةً ... تلظّى ولم يظفر بها قبل كيوان
له قلمٌ يجدي ويردي به العِدى ... فلله طعَّام اليراعة طعَّانُ
تعلّم سطو الأسد في كرمِ الحيا ... زمان سقته السحب والدار حفان
إذا قالَ صاغ الدّر لفظاً وأنعما ... كما شهدت أجياد قوم وأذهان
فأسطره نحو الدَّراري سلالمٌ ... وإلاَّ فنحو الدّر في البحر أشطان
ويا رُبّ جيش نقعه ونضالهُ ... دخان تراعيه الوحوش ونيران
تظلّ به العقبان آلفة القنا ... كأنهما وُرْقُ الحمائم والبان
كأنَّ الثرى خدّ من الدمّ مشرق ... إذا ما التقى الصفان والخيل خيلان
تلقفت ذاك النضو جمع سلاحه ... كما في اليدِ البيضاء للقف ثعبان
يصرّفه البحر الذي البحر كفه ... وأنمله أنهار رزقٍ وخلجان
من القوم حلوا كل آفاق دولة ... فهم في سماء العزّ والرأي شهبان
ألم ترهم كالشهب لما علوا حموا ... ولما حموا أضاؤوا ولما أضوا رانوا
لعدلهمُ صلح الضراغم والظبا ... وبين الندى والوفر عبسٌ وذبيان
يرجّح ما بين الكواكب فضلهم ... ومن أجل هذا للكواكب ميزان
جمعتم بين الفاروق ما افترق العلى ... ونظمتمو أحوالها وهي شدّان
لعمري لقد طبتم وطابت محاتدٌ ... وطابت لكم يا زبدة الفضل ألبان