على حين لم ينضب من النجم قطرة ... ولا فاض للظلماءِ للفجرِ طوفان

ولا شفق الأصباح ماء وقهوة ... ولا الطير في دوح على العود مرنان

يخيل لي طرفُ المليحة حسنها ... لو أن الكرى فيه على الحسنِ إحسان

بروحي من شطَّت فحجبت النوى ... شقائق خدَّيها وأقفر نعمان

كأن لم يكن نعمان للغيد منبتاً ... فيا حبَّذا قضبٌ لديهِ وكثبان

ويا حبَّذا قضبٌ من البانِ حملها ... لذي الثغر تفَّاح وذي الضمّ رمَّان

وكم قيل في البستان غصنٌ وهذه ... معاطفها تجلى وفي الغصنِ بستان

وغيداء أمَّا ردفها فهوَ مشبع ... رويّ وأما خصرها فهو عريان

وما كنتُ أدري قبل فتك جفونِها ... بأن السيوف المشرفية أجفان

ومن عجب محض الأعاريب جاده ... تجوع على غِلاَّتهِ وهو شبعان

وأعجب من ذا أنَّ في فمِها الطلا ... وإنِّي إلى تلكَ المليحة نشوان

ليَ الله قلباً لا يزال تهيجه ... إلى الحبِّ أوطارٌ قدُمنَ وأوطان

أجيراننا بالشعبِ سُقياً لعهدكم ... وإن كانَ عهداً حظّنا منه أشجان

ولا زالَ عقد المزْن درًّا بداركم ... يفصله من قادح الشوق مرجان

تذكِّرني الأشواق فيكم غزالةً ... تفرّ حياً منها إلى البيدِ غزلان

فتاة رأى اللاَّحي عليها مدامعِي ... فقال رياضٌ قلت إنَّ وغدران

فبعتُ لها روحِي أتمّ تبايعٍ ... فيا حبَّذا لم ذا تفرّق أبدان

ولم أنس مسرى شمسها وهي طلعة ... يحفُّ بها شهب الوغى وهو خرصان

إذا هبَّ تلقاء الهوادِج سحرةً ... هواءٌ حثا في وجهه الترب غبران

يذبّ كما ذبّ ابن يحيى عن العلى ... فلا الأنس دان من حماها ولا الجان

أعمّ الورى جوداً وأبرع منطقاً ... فقل في سحاب الجود تزجيه سحبان

ففي صدره الدهناء حلماً إذا اجْتنى ... وكفاهُ سيحانٌ علينا وجيجان

يجود وقد أرسَى الوقار بعطفهِ ... كما دفع السيل العرمرم ثهلان

ويقضِي على أموالِه فيمينه ... على منبع السلسال أوْطف هتَّان

إذا جاءَ بالوجناء كالبيت حاتم ... فمن جود مولانا قلاعٌ وبلدان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015