ما كان ضرّ المنايا في تقلبها ... لو تستبيح بني الدنيا وتخطيكا

يا غائباً ولُهى كفّيه حاضرة ... مهما سلوت فلا والله أسلوكا

إني لأذكر للإحسان مرّ يدٍ ... فكيف أنسى وقد حلّت أياديكا

وا خجلتا لمقامٍ قد حضرتُ به ... وما سقاني بكاس الموت ساقيكا

وفى لك الجود لما صحّ ذيْنكما ... نعم وما الخلّ إلا من يوافيكا

وأصبحت قضب الإسلام ناسكةً ... شعثاً محاسنها تحكي مساويكا

كانت عواليَ يستكفي الزمان بها ... ثم انقضت فروينا عن عواليكا

ما كنتَ إلا غماماً زال عن أفقٍ ... من بعد ما كفّت الدنيا غواديكا

وطوْد حلم الهوى من بعد ما زحمت ... وَكرُ السماء ونسريها معاليكا

تلقى أعاديك بالإحسان مبتسماً ... حتى يكاد وليٌ أن يعاديكا

وتحمل الأمر قد أنضت فوادحه ... صمّ الجبال ولكن ليس ينضيكا

لو شكّ طرف امرئٍ في الشمس طالعة ... لم يبقَ في فضلك الوضَّاح تشكيكا

ولو حمى المرءَ من موت صنائعه ... لأقبلت من فجاج الأرض تحميكا

هذي وفودك قد أمّت ثراك كما ... أمّت بعين الندى قدماً معانيكا

قاموا يعزون فيك اليوم أنفسهم ... وقمتُ في الجود والعليا أعزّيكا

أمرّ بالرّبع والأجفان تنشده ... بليت يا ربع حتى كدت أبكيكا

كأنَّ بابك لم تحفل مواكبه ... وبرق بشرك لم يحلب عزَاليكا

بعداً ليومك ما أبكى نواك وما ... أحلى لمطّلب النعمى مجانيكا

حسّت دمشق وفاضت نفسها أسفاً ... أما ترى محلها بالمحلِ مسفوكا

كانت أياديك من بين البلاد بها ... ستراً فأصبح ذاك الستر مهتوكا

إذا شدا الطير شقَّ الزهر من أسفٍ ... ثيابه فكأنَّ الطير يرثيكا

لا تبعدنَّ فلا لاقيت مغربةً ... ولا سلكت طريقاً ليس مسلوكا

ولا انثنيت قصيّ الدار محتجناً ... إلا وشخص بنيكَ الطهر يدنيكا

جادت ضريحك أخلاف الغمام ولا ... زالت تجرّ ذيولاً فوق ناديكا

ما أنت ميتٌ وهذا الذكر منتشرٌ ... وإنما نحن موتى من تناسيكا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015