وللبيت بيت الفضل كدر صفوه ... وللبيت من ذات الصفا حين يهرع
فيا لكَ من بيتٍ جديدٍ بكى لها ... وبيتٍ عتيقٍ نحوها يتطلَّع
ويا لكَ من حزنٍ يتجدَّد عندنا ... بهِ حزن يعقوب الذي كادَ يقلع
وحزن أخٍ قد جاورته كرامة ... لها وإلى بيتِ الكرامات ينزع
وحزن كبار أو صغار تتابعوا ... أسوداً وغزلاناً تسير وتتبع
هو الموت كأساً من حميّا حمامها ... ومن حسراتٍ قبلها تتجرَّع
وصرف لأرواح البريَّة ناقدٌ ... على أنه في أخذ نقديه مجمع
وسبع ليال دائراتٍ على الورى ... بنوع افتراس فيهمو ليس يشبع
ألا في سبيل الله نقد عزيزةٍ ... تولَّت وأبقت لاعج الحزن يرتع
سلامٌ ورضوانٌ عليه ورحمةٌ ... وروحٌ وريحانٌ وخمرٌ منوَّع
على جهةٍ إن قيل ستّ فإنها ... عليها من الستّ الجهات تفجع
يعزّ عليها نار حزنٍ تمسّه ... وتلك بجنَّات العلى تتمتَّع
ولو بلغت ما مسَّه من مصابها ... لكادت به في جنَّة الخلد تجزع
وما رحلت حتى رأت فيه كلماً ... تمنَّت فليس من حمام تروع
ولو خيِّرت لم ترضَ إلاَّ بقاءَه ... ونقلتها فليهنها القصد أجمع
وكم مرَّةٍ فدَّاه بالنفسِ نطقها ... فقد صحَّ ما كانت له تتوقَّع
وشيعها بالبرِّ زاداً تسنناً ... فلله منه سنَّة وتشيّع
تهنَّ بنو نعش لمطلع نعشها ... نعم وبنات النعش أيَّان تطلع
وما هيَ إلاَّ روعةٌ من رزيةٍ ... ولكنْ لها ثبت العزائم أروع
بليغ عرفنا صنعة اللفظ عندهُ ... فما قدرُ ما في وعظه يتصنَّع
سقى لحدها الروضيّ غيث كأنه ... نداه علينا وارفٌ وممرَّع
وخفف عن أحشاه وهجاً لو أنه ... سحائب ضيف عن قريب تقشع
طمعنا بحدس في رجوع مفارق ... وفي غير من قد وارت الأرض يرجع
وإن منع الماضون من سعيهم لنا ... فإنا عن المسعى لهم ليس نمنع