قبرٌ يُشاد وآجالٌ محكمةٌ ... وا قلةَ الحول في حجرٍ وأحجار
وطالبٌ من غريم الموت يرصدنا ... ونحنُ في همِّ إقلالٍ وإكثار
بين الفتى راتعٌ بالأمن إذ برزت ... أهلةٌ بالمنايا ذات أظفار
كأنَّ كلّ هلال في مطالعه ... قوسٌ يطالب أرواحاً بأوتار
أينَ الأولى أدركوا ما أدركوا وثوَوْا ... رهائناً بين أجداثٍ وأطمار
أينَ العلاء الذي كانتْ مآثرهُ ... بين الملائك تستملى بأسمار
أينَ الذي كنت آوي من عواطفه ... إلى ظلالٍ من النعمى وأثمار
أصبحت أرتع من آثار نعمته ... وأدمعي بين جنَّاتٍ وأنهار
يا ابن النبيّ عزاءً إن بدا كدرٌ ... فإنها عادةٌ من هذه الدَّار
للماء والطِّين أصلُ المرء منتسبٌ ... فكيف ننكر أن يرثى بأكدار
أقول هذا كأني عنه مصطبرٌ ... والله يعلم ما في طيّ إضماري
وقال يرثي القاضي تاج الدين بن الزيات خضر
الطويل
برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى ... وكانت ثراهُ هامةَ السحب في الذرا
وكان عليه جوهر الذكر أبيضاً ... فزاوجت فيه جوهر الدمع أحمرا
وكنت أرى عيشي مناماً بقربه ... فيا أسفي بالبعد كيف تفسرا
وأجريت دمعاً كان يحسب فقده ... زماناً لسوء الحظ لي وكذا جرى
بروحي الأولى أفناهمُ الدهر مبقياً ... ببعدهُم هماً من الخطب أكبرا
سقانا بكأس قد سقاهم بمثلها ... ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
ألا في سبيل الله سارٍ للحده ... وفي كل أفق ذكر علياهُ قد سرى
حميد المساعي كيفما حل بلدة ... غدت بلدة فوق السماء وأزهرا
مضى طاهر الآثار في كل منزل ... ألذّ من الماء الزلال وأطهرا
عفيف السجايا باسط اليد بالندى ... وإن كان إلا من غنى النفس مقترا
يطوف بعلياه الثناء محلقاً ... وإن كان عن أدنى مداه مقصرا
ويهتز للذكر الجميل كأنه ... وحاشا بقاه قد تناول مسكرا
ويظهر مجداً والتعبد قبله ... وإنَّا لنرجو فوق ذلك مظهرا