بين الفتى راتعٌ في الأمنِ إذ برزتْ ... من المنون له غلبٌ مغاوير
والمرء في الأصلِ فخارٌ ولا عجب ... إن راحَ وهو بكفِّ الدهر مكسور
جادتْ ضريحك شمس الدِّين سحب ندى ... يمسي صداك لديها وهو مسرور
إن يمس شخصك مطوياً بملحدِه ... فإن ذكرك بالإحسانِ منشور
أو يغد بيتك يشكو للزمان وغىً ... فإنه ببقاء السيف منصور
وقال أيضاً رثاء
البسيط
لو لم تفه برثاءٍ فيك أشعارِي ... رثاك بالدّرّ عني دمعيَ الجاري
يا ساكنَ الخلد أورثت الورى حرَقاً ... فأنتَ في جنَّةٍ والقوم في نار
جاورتَ ربَّك في الجنَّاتِ مقترباً ... لقد عوَّضت عن جارٍ وعن دار
أرقد هنيئاً فلا سهد بممتنعٍ ... منَّا عليك ولا قلبٌ بصبَّار
ما أنسَ برك للقصَّاد متَّصلاً ... أيامَ لا قاصدٌ يحظى بأنصار
ما أنسَ رفدَك للزوَّار محتفلاً ... حيثُ الغريب على أيامه زاري
ما أنسَ شخصك في الحفل العليّ كما ... أرْبت ذُكاءٌ على شهبٍ وأقمار
ما أنسَ يمناك تسدِي الفضل كاتمة ... للفضلِ حتَّى كأنَّ الفضل كالعار
ما أنسَ أقلامك اللاتي بها ابتدرت ... على الحقيقة تهوى طاعة الباري
لهفي عليك لملهوفٍ ومغترب ... سلاَّه قربك عن قومٍ وعن دار
لهفي عليك لألفاظٍ موشعةٍ ... يشدو بها الحيّ أو يحدو بها الساري
بكى لفقدك محرابٌ كأنَّ سنا ... مصباحه في حشاه نارُ تذكار
ومصحف باتَ يشكو قلبه أسفاً ... مقسَّماً بين أجزاءٍ وأعشار
ومدْرجٌ كانَ فيه الدّرّ منتظماً ... على ترائب أسماعٍ وأبصار
وقصة كان فيها غوثُ مرتقبٍ ... على يديك ويسر بعد إعسار
ومجمعٌ كنت فيه من ندًى وتقى ... أحقُّ أن تتسمَّى بابن دينار
لا تبعدَنَّ فكم أبقيت منقبةً ... كالغيث ولَّى وأبقى فضل آثار
إن ارْتحلت فبرٌّ جدّ مقترب ... وإن ثويت فذكرٌ جدّ سيَّار
ما أغفل الناس عن هذا وأذهلهم ... عن موردٍ ما له عهدٌ بإصدار