كأنَّ سنا راووقها وصبيبها ... حبالُ شعاعِ الشمسِ تفتلُ باليد
كأن بقايا ما نضا من كؤسها ... أساوِرُ تبرٍ في معاصمِ خُرَّد
كأن مليكَ الفرسِ صوَّرَ نفسهُ ... على جامها عمداً فمنْ يدنُ يسجُدِ
سقى الغيث عني ذلك العيش إنه ... تولى هنيءَ الوِرْدِ غير مصرَّد
وفرَّق إلا مقلتي وسهادَها ... وجمَّع إلا مهجتي وتجلّدي
وبدرً سرى في طيةِ البينِ متهماً ... فيا صاحبي دمعاً لعلكَ منجدي
وقال النسلي بمدنا لجفونه ... سهرتِ زماناً يا نواعسُ فارْقدي
حبيبٌ قسمت الشعرَ ما بين حسنهِ ... وأوصافِ ملكٍ شامخِ القدرِ أصيد
فلا غزلٌ إلا لهُ من قصيدةٍ ... ولا مدحَ إلا للمليكِ المؤيدِ
مليكٌ رأى أن لا مباريَ في الورى ... فظلَّ يباري سؤددَ اليومِ بالغد
أخو عزماتٍ في العلى جدَّ جدّها ... فلادَدُ منها لا ولا هيَ من دَدِ
سما وعلا حتى كأنَّ ذيولهُ ... غمائمُ قد لينت على فرق فرقد
يطوف رجاء المعتفين مقامه ... بأبلج هطًّال اليدين ممجَّد
لو اختصمت أهل المكارم في الندى ... لقال مقال الحقّ ملكي وفي يدي
ولو قصدته الوحشُ والطيرُ لم تُرَعْ ... بمفترسٍ يوماً ولا متصيِّد
كذلكَ فليحفظ تراثَ جدودهِ ... مليكٌ بنى فوقَ الأساسِ الموطَّد
توافقتِ الأهواءُ في ذات فضله ... فمن حاكمٍ عن علمه ومقلّد
متى شئت يا راعي الكرام وجدته ... غمام الندى في دسته قمر الندي
يؤمّ حماهُ طالبٌ بعدَ طالبٍ ... فذو الحال يستجدي وذو العلم يقتدي
مباحثُ علمٍ بلدت كلَّ مفصح ... على أنها قد فصَّحت كلَّ أبلد
ولفظٌ كأنَّ السحرَ فيه محللٌ ... ألم ترَهُ في الذَّوقِ غيرَ معقَّد
كأن النجومَ الزّهرَ في كبد الدّجى ... شرارُ لظًى من ذهنه المتوقد
ولا عيبَ فيه غيرُ إسراف جوده ... وأنَّ مدَى علياهُ غيرُ محدَّد
تجولُ ثغورُ اللثمِ حولَ بنانه ... كما جالَ عقدٌ في ترائب أجيد
هيَ النفسُ ما أفنت ثراءً مفرَّقاً ... فعوَّضها إلا بمجدٍ منضَّد
وما المالُ بين الناسِ إلا أزاهرٌ ... بروضٍ متى لم تجنَ تهوِ وتفقد