لقد تربى الضمير الإسلامي على كراهة الخمر واحتقار شاربيها وذم من اشتهروا بمعاقرتها، ولذلك كثر في الهجاء ذم المهجوين بأنهم مخمورون فكان ذلك من أوجع الذم لمن يراد النيل من عرضه وثلم شرفه، كما امتدح من تنزه عنها وسما عن مقارفتها.
ففي معركة الهجاء التي احتدمت بين شعراء النقائض في العصر الأموي نرى جريرا وقد وجد مغمزه ومطاعنة في كل من الفرزدق والأخطل بما اشتهروا به من معاقرة الخمر. مع عيوب أخرى فيقول للأخطل:
شربت الخمر بعد أبي غويث ... فلا تعمت لك النشوات بالا
تسوف التغلبية وهي سكرى ... قفا الخنزير تحسبه عزالا
تظل الخمر تخلج أخدعيها ... وتشكو في قوائمها أمذلالا