في كتاب "فقه اللغة وأسرار العربية" الذي صدر عن المكتبة العصرية مطلع عام 1999 بعنايتي، دوَّنتُ ملاحظة لغوية لافتة هي: إدخال الثعالبي فعل (كان) الناقص على (كان)، مباشرة، وقلتُ معلقاً على جملة وردت في الكتاب، وهي "وإذا كانت تكون في وسطهنَّ فهي دَفُون" "لعلها المرة الأولى التي دخل فيها فعل "كان" (بالمضارع) على نفسه بالماضي. وإذا بي أفاجأ بأن هناك عدداً كبيراً من المرات، دخلت فيها (كان) على (كان) حتى أصبحتْ من صلب أسلوب الجرجاني، مع قناعتي بأن هذه الصيغة غير مستساغة، لأنه بالإمكان وضع فعل آخر مكان فعل الكينونة الثاني الذي غالباً ما يعني: وُجدَ، حَدَث، حصل الخ ...

كقوله، في باب "الفصل والوصل":

"وإنْ لم يكونوا كذلك، لكان لا يكونُ عليهم مؤاخذةٌ فيما قالوه من حيث كانت المؤاخذة تكون".

وقوله في فقرة: (الكناية أبلغ من التصريح):

"وذكرتُ أن السبب في أنْ كان يكون للإثبات، إذا كان من طريق الكناية، مزيَّة لا تكون إذا كان من طريق التصريح".

أفلا يمكن أن يقال، مثلاً

(وذكرتُ أن السبب في أن كان يحصل للإثبات، إذا كان من طريق الكناية، مزية لا تحصل، إذا كان من طريق التصريح) ...

وقوله، مطلع الكلام على الفصل الخاص "بكشف الشبهة للقائلين بأن الفصاحة للألفاظ":

"إنْ كان اللفظ إنما يَشْرف من أجل معناه فإنَّ لفظ المفسِّر يأتي على المعنى ويؤديه لا محالة. إذ لو كان لا يؤديه، لكان لا يكون تفسيراً له".

أليس قولنا: (لو كان لا يؤديه لما كان تفسراً له) أسوغَ وأعلقَ، فنتخلَّصَ من دخول (لام الجواب) في "لـ كان" على مضارع منفيِّ؟ ... وهكذا في عشرات الصيغ التي تشيع في الكتاب من أقصاه إلى أقصاه.

*أسلوب التطويل والتكرار في صيغ الشرح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015