"وليس الأمرُ على ذلك - ولا هذا الشرف العظيم ولا هذه المزية الجليلة وهذه الروعة التي تدخلُ على النفوس عند هذا الكلام لمجرد الاستعارة، ولكن لأن يُسلك بالكلام طريقُ ما يسند الفعل فيه إلى الشيء وهو لما هو من سببه، فيرفع به ما يُسند إليه ويُؤتى بالذي الفعلُ له في المعنى منصوباً بعده مبيناً أن ذلك الإسناد وتلك النسبة إلى ذلك الأول إنما كان من أجل هذا الثاني ولما بينه وبينه من الاتصال والملابسة".
لن أشكو من الصعوبة التي اعتورَتْني وأنا أقرأ هذا المقطع. فالشكوى غير مقبولة من دارسٍ متصدِّ لنص كنصِّ الجرجاني - إنما كان عليَّ القراءة المرة تلو المرة لتشكيل حروفها ووضع علامات الوقف بين الجمل والعبارات ... وقد شئتُ أن أنقل هذا المقطع من دون ضبط ليدرك القارئ نمط الكتابة لدى الجرجاني وأسلوبه المتشابك الذي، ولو شُكِل كما يجب، بقي على قدر من الإشكال والتداخل وبخاصة لقرَّاءٍ: من الدرجة الدنيا حتى درجة جيدة - أي لا بد من نسبة عالية من المعرفة النحوية والتمرس بقراءة نصوصٍ كالتي واجهتني في هذا الكتاب الذي أزعم أن ضبطه وحده، من دون أي عمل آخر، كفيل بتحقيق الفائدة المرجوة وإن متواضعة. فمن يقرأ جيداً يفهم جيداً، فيما خلا بعض المفردات أو المصطلحات التي تكفلت المعاجمُ وكتب التفسير بشرحها.
وما كان من إضافة الحاشية في سياق المقطع، ونقلها كما جاءت في هامش الصفحة المطبوعة في الطبعة المصرية، إلاَّ إلحاقُ الإشكال بالإشكال، بسبب غياب التشكيل والترقيم حتى في الحواشي، كالذي يدور على نفسه ولا يتقدم خطوة إلى الأمام.
* تعقيد التركيب اللغوي بسبب دخول (كان) على (كان) غير المحدود في الكتاب