الأسباب المعينة على أداء صلاة الفجر جماعة

Q أنا شاب قليل الانتباه لصلاة الفجر، مع أني أفرح لصلاة الفجر، فبماذا تنصح الذين يقصرون في صلاة الفجر، حتى إنه في بعض المساجد لا يصلي إلا ثلاثة في صلاة الفجر، مع أن حول المسجد ما يقارب الثلاثين منزلاً، وما هي الأسباب المعينة على مجاهدة النفس في أدائها؟

صلى الله عليه وسلم بكل اختصار أولاً: لا يمكن للإنسان أن يشهد الصلوات ويحافظ عليها إلا بكمال الإيمان، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم عن المنافقين: (لو يعلم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء) فالإيمان هو الذي يحرك القلوب لشهود الصلوات مع الجماعة.

ثانياً: احتساب الأجر والثواب، ولذلك قال العلماء: إن الإنسان يحافظ على الخير إما رغبة أو رهبة، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر رغبتهم في الدنيا، فقال: (لو يعلم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً) فإذا استشعرت ما في الصلاة مع الجماعة من عظيم الأجر والرحمة والرضا من الله جل وعلا أعانك ذلك على ترك الفراش والمبادرة إلى الصلاة.

ثالثاً: كثرة الخطا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ وذكر منها: كثرة الخطا إلى المساجد)، فخروجك إلى الصلاة مع الجماعة، واحتسابك للأجر في كثرة الخطا وشهود الصلاة، فإن شهدتها من أول ما تكون من تكبيرة الإحرام والتأمين مع الإمام وغير ذلك من الفضائل كان ذلك أعظم حظاً لصاحبها.

إن استشعار هذا الثواب من الله جل وعلا هو الذي يحرك الإنسان لما عند الله، لكنه لم يكن إلا بإيمان، فإذا كان عند الإنسان إيمان وشعور بالثواب من الله عز وجل حركه إلى المبادرة والمسارعة إلى مثل هذه الصلوات.

رابعاً: الأخذ بالأسباب، فمن أعظم الأسباب النوم مبكراً، فقد قرر العلماء أنه إذا كان سهر الإنسان ولو في النوافل يؤدي إلى ضياع صلاة الفرض أنه لا يجوز له أن يسهر، لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به، فإذا كان سهر الإنسان يؤدي إلى ضياع صلاة الفجر فلا يجوز له السهر إلا من ضرورة ملحة، فإن سهر وضع بجواره منبهاً أو يوصي أحداً أن يوقظه، أو يوصي جاره، أو يوصي إمام المسجد أو مؤذن المسجد أو نحو ذلك، أو من يتصل عليه، يأخذ بالأسباب، فإذا أخذ بذلك فإن الله يعينه.

والأصل في هذا حديث أبي حذيفة في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرس في مقدمه من غزوة، قال: يا بلال اكلأ لنا الليل) قال العلماء: في هذا دليل على أنه يجب على الإنسان إذا تأخر نومه أن يهيئ الأسباب لاستيقاظه بتوصية من يوقظه، ومن هذه ما تيسر الآن من وجود المنبهات ونحوها، وهذه من الأمور المهمة التي يجب على الإنسان أن يحافظ عليها حتى تعينه على صلاة الفجر.

خامساً: يقول بعض العقلاء والحكماء: إن من الأمور التي تعين على الاستيقاظ أن الإنسان يجعل في نفسه الرغبة في القيام، فإنه إذا جعل في نفسه ذلك دعاه إلى القيام، وهذا مجرب فإنك إذا نمت وفي نفسك أن تقوم آخر الليل أعانك الله على قيام آخر الليل، وإذا جعلت في نفسك أن تقوم لصلاة الفجر أعانك الله على قيام صلاة الفجر، ولذلك تجد الكثير إذا وضع في نفسه أنه يقوم لاختباره أو لامتحانه قام بكل سهولة ويسر، نسأل الله السلامة والعافية.

فلذلك ينبغي على الإنسان أن يأخذ بالأسباب، وإذا أخذ الإنسان بالأسباب أعانه الله جل وعلا، وأجر عليها وكفي المئونة والذنب، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015