بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه واستن بسنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن جميع المسلمين يعلمون أن الله سبحانه وتعالى خلقهم لحكمة واضحة بينها في كتابه، وشرع لهم شرائع هذا الدين الذي هو خير شرائعه، وضمنه خير كتبه، وأرسل إليهم خير رسله، فشرفهم بذلك على سائر الأمم، وجعلهم أمة وسطاً ليكونوا شهداء على الناس، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال: (إن هذه الأمة شهود عدول يوم القيامة، وإنه ما من نبي إلا يخاصم أمته في الملأ الأعلى، فيقال له: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته.
حتى إن نوحاً يخاصم أمته في الملأ الأعلى فيقولون: ما جاءنا من بشير ولا نذير! فيقول: مكثت فيكم ألف سنة إلا خمسين عاماً أدعوكم إلى الله.
وهم ينكرون، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته.
فيؤتى برسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته فيشهدون لنوح أنه مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى).
إن أمة يستشهدها الله تعالى في الملأ الأعلى ويرتضيها شاهدة على عباده لا بد أن تتحقق فيها صفات العدالة المطلوبة، ولا يمكن أن يكون الشهود على الأولين والآخرين من المجروحين الفاسقين، لا يمكن أن يرتضى هذا عند الله سبحانه وتعالى الذي هو أحكم الحاكمين.