سبب جعل الكبائر كبائر

سبب جعل الكبائر كبائر أن تصور الإسلام لا يتم إلا بعد تصور تحريمه لهذه الأمور.

من زعم أنه مسلم ولم يعلم أن الإسلام يحرم الخمر، أو يحرم الزنى، أو يحرم الخنزير، أو يحرم القتل، أو يحرم السرقة فهذا غير مسلم؛ لأنه لم يعرف ركناً من أركان الإسلام السلبية، وهذا هو الذي يسميه الفقهاء: المعلوم من الدين بالضرورة.

فالمعلوم من الدين بالضرورة معناه: الذي لا يتميز الإسلام بدونه، فهذه الشرائع التي لا يعرف الإسلام بدونها ولا يتميز من أنكرها ممن ليس حديث عهد بكفر، أما من كان حديث عهد بكفر فيتسامح معه، أو كان لم يتعلم شيئاً من الدين بأن كان من الأعراب البداة ولم يبلغه كثير من شرائع الإسلام، فهو معذور بذلك، أما من عاش في مجتمع إسلامي فإنكاره للمعلوم من الدين بالضرورة يكفره، وجهله بذلك لا يعذر به، وقد عذر عمر بن الخطاب رضي الله عنه منظور بن زبان حين تزوج بـ مليكة، وكانت زوجة أبيه فلم يعلم أن الله حرمها، فسأله عمر: هل سمع سورة النساء؟ فقال: ما سمعتها.

فاستحلفه خمسين يميناً ما سمع سورة النساء، ورفع عنه الحد بذلك، وذلك أن الله يقول في سورة النساء: {وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} [النساء:22].

وقد عذر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الناس في حداثة إيمانهم، فعذر الأعرابي الذي بال في المسجد وقال: (دعوه لا تزرموه.

ثم دعاه -بعد أن أمر بذنوب من ماء فأريق على بوله- فقال: إن هذه المساجد لم تُبْنَ لهذا، وإنما بنيت لذكر الله والصلاة)، ومن هنا فإن من كان حديث عهد بكفر يعذر في المعلوم من الدين بالضرورة؛ لأنه ليس معلوماً لديه، وأما من سواه ممن عاش بين المسلمين وتعلم الإسلام فلا يعذر في جهل هذه الأمور التي هي أركان الإسلام، سواءٌ أكانت إيجابية أم سلبية، فمن لم يعرف وجوب الصلاة، أو لم يعرف وجوب الزكاة أو الحج أو الصيام، أو لم يعرف حرمة الزنى، أو لم يعرف حرمة القتل، أو لم يعرف حرمة السرقة، أو لم يعرف حرمة الخنزير فهذا ليس من المسلمين إلا إذا كان حديث عهد بكفر، ومن هنا شرع أن نعلم هذه الأركان، وأن نتدارسها، وأن نعلم ما كان معلوماً من الدين بالضرورة الذي لا يعذر به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015