يبتلى المبالغون في العبادة بقولهم بوحدة الوجود وترك العمل

بل ربما ابتلي بأمر آخر وهو: أن يزعم أنه وصل إلى مقام يتحد فيه العابد بالمعبود، وهو الذي يسمونه بوحدة الوجود، أو بمقام الحلول، أو بوحدة الوحدة، أو بالاتحاد، أو بوحدة الشهود، وكلها اصطلاحات ترجع إلى هذه الفكرة من أصلها، وإن كانت بينها فروق دقيقة.

فيزعمون أن الإنسان إذا عرف أتاه اليقين ويتأولون قول الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] بهذا، وهذا غاية في الغلط وسوء الفهم، فاليقين الموت، (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) أي: حتى يأتيك الموت، والذين يزعمون أن المقصود باليقين هنا مقام معلوم يصلون إليه، قد انحرفوا غاية الانحراف وضلوا عن سواء السبيل وقادهم الشيطان بأزمتهم إلى الكفر البواح، نسأل الله السلامة والعافية.

وربما ابتلي المبالغ في العبادة أيضاً بأمر آخر وهو بالازدراء، فيسول له الشيطان أن كل عمله غير مقبول عند الله، وبالتالي فأداؤه للعمل وتركه له سواء، ومن هنا سيترك العمل من هذا الوجه، بل ربما ابتلي بالوسوسة في الإخلاص، فيظن كل عمل غير خالص، فلا يزال يعيد الصلاة أو يعيد الوضوء، كما ترون الموسوسين الذين إذا غسل أحدهم وجهه لم يكد ينتهي منه، والمبالغين في العبادات يصابون بأنواع من البلاء، وهكذا الذين يتجاوزون الحد المشروع يصابون بكثير من أنواع البلاء من هذا القبيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015