كذلك قوله: (أولاً وآخراً) صفتان أيضاً هما المعبر عنهما بالقدم والبقاء، لكنه اختار التعبير الشرعي؛ لأن الله تعالى يقول: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} [الحديد:3]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء).
وأولية الله سبحانه وتعالى ليس لها ابتداء، وآخريته كذلك ليس لها انتهاء، ولكن الأولية والآخرية كلتاهما صفة سلب؛ لأن الأولية معناها: نفي العدم السابق للوجود، بمعنى: أن وجوده لم يسبقه عدم.
والآخرية معناها: نفي العدم اللاحق للوجود، ومعناه: لا يمكن أن يأتي زمان وهو غير موجود فيه، ولا يمكن أن يعدم، فهاتان أيضاً صفتان من الصفات السلبية، وبهذا تتم الصفات السلبية، وهي خمس: وقد بدأ بالوجود أولاً.
ثم الوحدانية.
ثم الغنى.
ثم القدم.
ثم البقاء.
والوجود خارج عنها، لكن الصفة السلبية الخامسة هي مخالفته للحوادث، وهذه قد أشرنا إليها.
والمخالفة للحوادث معناها: أنه لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]، وهذه الخمس هي المذكورة في سورة الإخلاص: فقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] هذه الوحدانية.
وقوله: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص:2] هذا الغنى.
وقوله: {لَمْ يَلِدْ} [الإخلاص:3] هذا البقاء؛ لأن الذي يحتاج إلى الولد هو الذي يفنى فيحتاج إلى ما يكون خلفاً له.
وقوله: {وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص:3] هذا القدم.
وقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:4]، هذا نفي المماثلة والمشابهة وهي المخالفة للحوادث، فجاءت الصفات الخمس في هذه السورة.