أقسام الأشياء من جهة افتقارها عن المخصص والمحل

والأشياء أربعة أقسام: القسم الأول: ما هو غني عن المحل والمخصص، وهذا ذات الله.

القسم الثاني: ما هو مفتقر إلى المحل والمخصص، وهو صفات المخلوق، فاللون الأبيض في الثوب مفتقر إلى المخصص؛ لأنه حادث ليس قديماً، فيحتاج إلى من يخلقه، وهو المخصص، ومفتقر كذلك إلى محل يقوم به؛ لأننا لا يمكن أن نرى بياضاً ليس في شيء، بل لابد أن يقوم بشيء؛ لأنه صفة لا ذات.

القسم الثالث: ما هو غني عن المحل، لكنه مفتقر إلى المخصص، وهو ذات المخلوق، فذاتك أنت مفتقرة إلى المخصص؛ لأنك حادث لم تكن مثلما كنت، وأنت محتاج إلى من يخلقك، لكنك بعد الخلق لا تحتاج إلى ذات أخرى تركب فيها؛ لأنك ذات لست صفة لغيرك.

القسم الرابع: ما هو غني عن المخصص قائم بالمحل، ولا يقال: مفتقر إلى المحل، وهو صفات الله سبحانه وتعالى، فهي قديمة، ولا تحتاج إلى المخصص، لكنها صفة لابد أن تقوم بذات.

فإذاً: هذه أربعة أقسام ونظمها أحد العلماء بقوله: الأشياء أربع فما منها غني عن المحل والمخصص الغني وعكسه وهو صفات الخلق وقام بالمحل وصف الحق وما إلى المخصص احتاج فقط فهو بذات حادث قد ارتبط ومعنى المخصص: أي الذي يخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه، والممكن معناه: كل ما لم يكن، ويمكن وجوده في المستقبل، وهذا يمكن في حقه ست من اثنتي عشرة، وهي التي تسمى بالممكنات المتقابلات، وهي: الوجود والعدم، فهذا الإنسان يولد له ولد، هذا الولد يبيح العقل بأنه لم يولد بعد، ويجوز في حقه الوجود، ويجوز في حقه العدم، فهاتان الصفتان متقابلتان.

ثم إذا خرج إلى الوجود لابد أن يتصف أيضاً بالبياض أو السواد؛ لأن الصفات المتقابلة لابد أن يتصف ببعضها دون بعض، فإما أن يكون أبيض أو أسود.

ثم بعد ذلك في الأمكنة، فكل مكان يقابله مكان آخر، فإما أن يكون في الرياض أو في مكة مثلاً.

ثم بعد هذا الأزمنة هل يولد في الليل أو في النهار؟ وكذلك الجهات هل يولد في الشرق أو في الغرب من المكان الذي خصص به؟ ثم المقادير هل يكون كبيراً أو يكون صغيراً؟ فكل مقدار يقابل مقداراً آخر، فهذه اثنتا عشرة هي الممكنات المتقابلات، والمخصص يخصص الممكن بست منها، ولا يمكن أن يخصصه بأكثر من ست؛ لأن كل واحدة تقابل واحدة تضادها.

ولذلك يقول أحد العلماء: الممكنات المتقابلات وجود العدم والصفات أمكنة أزمنة جهات ثم المقادير روى الثقاة قال: [فرداً غنياً أولاً وآخراً] والتفرد والغنى أيضاً من الصفات السلبية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015