فأول وسيلة منها الحكمة، وهي وضع الشيء في موضعه: بوضع اللين في موضعه، والشدة في موضعها، والسيف في موضعه، والعطاء في موضعه، وقديماً قال أبو الطيب المتنبي: ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى فالحكمة إذاً هي وضع كل شيء في موضعه، وهي مأمور بها لا محالةَ، ومزية عظيمة رفيعة، وهي وسيلة من وسائل الدعوة، فلابد أن يكون الداعية حكيماً في تصرفاته؛ حتى لا يكون من قطاع الطرق المنفرين عن الله سبحانه وتعالى، فليس قطاع الطرق بالذين يرعبون المارَّة، ويأخذون أموالهم، بل قطاع الطرق على الحقيقة هم الذين يمنعون الناس من الاهتداء إلى منهج الله، وسلوك طريقه، وهم المنفِّرون، وقد حذر من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أيها الناس إن منكم منفرين).
والحكمة تقتضي من الإنسان أن ينوع الأساليب باعتبار المدعوين، وأن يجامل في موضع المجاملة، وأن يجدَّ في موضع الجد، ولا يقول إلا الحق في كل ذلك.