التغيير والتحسن في الطاعة مطلوب من العبد

وكذلك ينبغي أن يعلم أن التذبذب في الأعمال كلها ممقوت شرعاً، وهو مقتضٍ لعدم القدرة على الاستمرار في الطريق، ولهذا فالتطور إلى الأحسن، وتغيير ما في النفس أمر مطلوب شرعاً، والله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ومن هنا فالإنسان الذي يتعود على عادة معينة ولا يستطيع مخالفة تلك العادة ولا خرقها فهو مأسور بها، فينبغي أن يتهم نفسه، وأن يتهم تلك العادة لعل فيها ما يلجئه إلى التوبة وهو لا يشعر به.

والإنسان الذي يستطيع تطوير نفسه وعلاج أخطائه ويعلم أنه غير معصوم، وأنه قابل للخطأ والصواب، هو الذي يوفق للتوبة.

ومن هذا المنطلق على الإنسان أن يحاول في كل فترة تمضي عليه من الزمن أن يكون عامه الجديد خيراً من عامه الماضي؛ لأنه ما زال في فسحة، فيمكن أن نكون في مثل هذا الوقت من العام الماضي قد سمعنا كلاماً مثل هذا، ولكن ما الذي أحدثناه؟! وهل عامنا هذا كان خيراً من عامنا الماضي؟! لا بد أن يحاول الإنسان الذي يريد أن يكون تائباً توبة نصوحاً أن يكون لاحقه خيراً من سابقه، وأن تكون سريرته خيراً من علانيته، وأن يزداد في الإيمان والعمل والتضحية وفي البذل في سبيل الله، فإذا قارن الإنسان بين سابقه وبين لاحقه فوجد سابقه خيراً من لاحقه فهذا مؤشر بسوء الخاتمة، وعليه أن يبادر بالتوبة منه والاستغفار.

فإذا كان الإنسان في عامه الماضي أنفق مبلغاً معيناً في سبيل الله، فراجع نفسه وحساباته في هذا العام فوجد إنفاقه في سبيل الله أقل من إنفاقه في العام الماضي فهذا مؤشر يقتضي منه أن يبادر بالتوبة، وأن يتدارك الوضع قبل أن يزداد سوءً.

كذلك إذا كان الإنسان في عامه الماضي قد وفق لطلب العلم، وحضر عدداً كبيراً من الدروس، وحفظ بعض الأحاديث والآيات، ووجد نفسه في هذا العام قد تراجع، وكان سيره أقل من سيره في العام الماضي، فهذا مؤشر، وعليه أن يبادر إلى التوبة قبل أن يختم له بالسوء.

وهكذا في كل الأمور، ومن هنا أوجه نداءً للأخوات المسلمات أن يطورن أنفسهن، وأن لا يرضين باليسير، وأن لا يكون هذا الكلام للتشهي ولا يصحبه عمل، ولهذا فينبغي أن يكون عامنا خيراً من سابقه، وأن تكون كل جلسة لنا مقتضية للإحسان فيما بعدها، وأن يكون ذلك خيراً مما سبق.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يجعل أعمالنا وأقوالنا ونياتنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يجعلنا أجمعين من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا توبة نصوحاً، وأن يرزقنا عملاً صالحاً، وأن يحسن خواتمنا أجمعين.

اللهم! اختم بالصالحات أعمالنا، واختم بالحسنات آجالنا، واجعل خير أعمالنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك.

وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وأصحابه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015