على الإنسان الذي يعلم أن مدة بقائه في هذه الحياة الدنيا قليلة، وأن انتقاله عنها سريع، أن يصل أرحامه قبل أن ينقطع عنهم انقطاعاً لا يجتمع معهم بعده، إلا في الجنة أو في النار، نسأل الله السلامة والعافية.
وفي هذا يقول أحد الحكماء: وصل حبيبك ما التواصل ممكن فلأنت أو هو عن قريب ذاهب إما أن تذهب أنت وإما أن يذهب هو، فأنت أو هو عما قريب ذاهب.
كذلك على الإنسان أن يعلم أن فرصه في صلة الرحم قليلة وستنقطع، فأنت الآن بالإمكان أن تذهب وتزور، وبالإمكان أن تجد فراغاً في الوقت لصلة الرحم، وبالإمكان أن تقدم جزءاً من مالك في صلة الرحم، لكن سيأتي وقت لا تجد فيه ذلك، فعليك أن تنتهز هذه الفرصة لهذا العمل الصالح المبارك، الذي يزيد في العمر ويبارك في الرزق ويعمر الديار، فقد جاء في حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلة الرحم تزيد في الأعمار وتعمر الديار وتكثر الأموال والأولاد، فهي سبب لكل هذه النعم العظيمة.
فعلى الإنسان أن يبادر إليها قبل أن يفوت الأوان، وأن يعلم أنه ليس بالإمكان دائماً أن يفعل ذلك، فلهذا على الإنسان أن يتذكر أن الصنيعة قد لا تتأتى في كل الأوقات، فليس كل وقت يتأتى للإنسان فيها أن يصل رحمه أو أن يفعل معروفاً، فإذا وجد ذلك فليبادر إليه، وإذا وجد محتاجاً يمكن أن يقدم إليه خدمة فليبادر إلى ذلك، وليعلم أنها امتحان من الله تعالى، كما قال الحكيم: واشكر فضيلة صنع الله إذ جعلت إليك لا لك عند الناس حاجات فالإنسان إذا كانت الحاجات إليه لا له فقد أكرمه الله بنعمة عظيمة ينبغي أن يبادر لشكرها، وأن يعلم أنه ممتحن بها، كحال الثلاثة الذين امتحنهم الله بالملك الذي أرسله إليهم، وهم: الأقرع والأبرص والأعمى، وقصتهم مشهورة معروفة قد حدثنا بها أكثر من مرة.