معنى حديث: (كتب على ابن آدم حظه من الزنا)

Q نرجو منكم توضيحاً لمعنى الحديث التالي: (كتب على ابن آدم حظه من الزنا، وهو مدرك ذلك لا محالة: فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)؟

صلى الله عليه وسلم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزنا من الأمور المنتشرة، فهو مثل الشرك، فالشرك كثير الانتشار جداً، وهو أخفى في النفوس من دبيب النمل، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:106] ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم)، ومثل ذلك الزنا فهو أيضاً أنواع منوعة وهو منتشر خفي؛ فكثير من الناس لا يقترفون جريمة الزنا نفسها ولكنهم يقتربون منها، والله قد حرم الاقتراب من الزنا، ولم يذكر الزنا بنفسه في قوله: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء:32]، فلم يقل: ولا تزنوا، وإنما قال: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء:32]، فهذا يقتضي تحريم النظر، وتحريم الكلام في ريبة، وتحريم الاقتراب والدخول على النساء والخلوة والخلطة وغير ذلك، فكل ذلك داخل فيما حرمه الله سبحانه وتعالى في قوله: (ولا تقربوا).

وكذلك مصافحة الأجنبية فإنه من الاقتراب من الزنا الذي حرمه الله في هذه الآية، أما بالنسبة لرد السلام في غير ريبة فهذا لا حرج فيه، بل هو مما أمر الله به في كتابه في قوله: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86]، فرد السلام لا حرج فيه شرعاً، ومثل ذلك تشميت العاطس فهو حق من حقوق المسلم على أخيه، ويستوي فيه الرجال والنساء، لكن المحرم هو سلام الريبة {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب:32]، وكذلك الدخول على النساء والخلوة بهن، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إياكم والدخول على النساء! فقالوا: يا رسول الله: أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت).

وبالنسبة لحظ الإنسان من الزنا: لو كان كل نظر إلى محرم داخلاً في هذا لكان هذا مشكلة وضرراً على الناس، وقد عفا الله عن النظرة الأولى -نظرة الفجاءة- كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا علي! لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك النظرة الأولى) ولهذا قال: (والفرج يصدق ذلك ويكذبه)، فالشاهد الذي يشهد أن هذا من الزنا أو ليس منه هو الفرج إذا صدق ذلك، فمعناه: أن الإنسان -نسأل الله السلامة والعافية- قد وقع فيما حرم الله عليه، وإذا كذبه فمعناه أنه لم يصب ما حرم الله عليه حينئذ، وكذلك السماع: ما سمعه الإنسان إذا كان من الزنا فعلامة ذلك وشاهده أن يصدق ذلك الفرج، وإذا لم يفعل فقد كذبه، فمعناه: أنه لم يفعل ما حرم عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015