Q ما علاقة الجمود والحرفية في الفهم بجهل اللغة العربية؟
صلى الله عليه وسلم أن الحرفية والتقيد بدلالة اللفظ دون معرفة جوانبه الأخرى وما يدل عليه، إنما هو من الجهل باللغة العربية، وفهم صيغها المختلفة، ولذلك فإن الأصوليين قالوا: إن اللفظ يدل شرعاً أربع دلالات، فيدل بمنطوقه، ويدل بمفهومه، ويدل بضرورته واقتضائه، ويدل بمعقوله، وهو القياس عليه، وهذه يسميها الحنفية: دلالة العبارة ودلالة الإشارة، ودلالة المقتضى، ودلالة المعقول، وهي القياس عليه، ومن هنا يكون اللفظ الواحد نافعاً من أربعة أوجه ويمكن أن تؤخذ منه الأحكام من أربعة أوجه.
والذي يتحجر ويقف عند النص ولا يتعداه جهل مقصد اللغة، وجهل معناها، وكذلك عطل الحكم الشرعية التي من أجلها جاءت النصوص، فالذي يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسلَ فيه من الجنابة، أو: ثم يغتسلُ فيه من الجنابة، أو: ثم يغتسلْ فيه من الجنابة).
ثلاث رواياتٍ من لم يكن عارفاً باللغة العربية ولم يفهم دلالاتها، ولم يعرف الفرق بين قوله: (ثم يغتسلُ)، وبين قوله: (ثم يغتسلَ)، وبين قوله: (ثم يغتسلْ)، لم يفهم هذا وتحجر وتقيد، فأباح أن يبول الإنسان في إناء وأن يصبه في الماء الراكد، وهذا بسبب عدم التفريق بين الروايات.
فإن قوله صلى الله عليه وسلم: (ثم يغتسلُ فيه) بيان لعلة النهي، أي: إنه سيغتسل فيه، فلذلك لا يحل له أن يصب فيه البول أو أن يبول فيه مطلقاً، وهذا نظير قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجلدن أحدكم امرأته ثم يضاجعُها) بالرفع، معناه: ثم هو يضاجعها، وفي رواية: (لا يجلد أحدكم امرأته كما يجلد العبد، ثم يُضاجعُها) أي ثم: هو يضاجعها، فيكون هذا تعليلاً.
وأما رواية النصب فالمقصود بها النهي عن الجمع بينهما، (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسلَ فيه)، معناه: أن النهي منصبٌ على الجمع بين الأمرين.
وأما رواية الجزم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسلْ فيه) فهي نهي عن الأمرين كل واحد منهما وحده، فهي نهي عن الاغتسال في الماء الدائم مطلقاً، سواء بول فيه أو لم يبل فيه، ونهي كذلك عن البول فيه مطلقاً، سواء اغتسل منه أو لم يغتسل، وهذه الرواية هي أرجح الروايات؛ لأنه جاء التصريح بالنهي فيها في رواية أبي داود بإسناد صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولا يغتسل فيه من الجنابة)، فهذا تصريح بالنهي عن الاغتسال وحده، وعن البول وحده.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا واجعل الجنة هي دارنا.
اللهم استعملنا في طاعتك واجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم لا تدع لنا في ساعتنا هذه ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا دينناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مبتلىً إلا عافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً وفيها لنا صلاح إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين وادحر كيد الكافرين، وانصرنا عليهم أجمعين، اللهم علمنا أجمعين ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل ما نقوله ونسمعه حجة لنا لا علينا، اللهم اجعل ما نقوله ونسمعه حجة لنا لا علينا، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهم اختم بالصالحات أعمالنا، واختم بالحسنات آجالنا، واجعلنا هداةً مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.