العلم الرابع من هذه العلوم: علم المعاني: وهو الذي يتم به التعبير على الوجه الصحيح، من التقديم والتأخير والحذف والإثبات، وغير ذلك مما يحتاج إليه المعبر في كلامه، ولا يمكن أن يفهم الإنسان سرد الكلام ولا تفصيل الجمل إلا إذا كان عارفاً بعلم المعاني.
العلم الخامس: علم البيان، الذي يقصد به التعبير بأساليب متنوعةٍ عن معنى واحد، كالحقيقة والمجاز، والكناية، والتصريح، وأنواع التشبيه، فهذا العلم من لم يتقنه لا يمكن أن يفهم كثيراً من دلالات الألفاظ من الكتاب والسنة.
العلم السادس: علم البديع: الذي يُدرك به الإعجاز في القرآن، فإن كثيراً من الناس يؤمنون بسبب إعجاز القرآن اللفظي، حتى إن أعرابياً قرأ عليه قارئٌ قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} [النور:43]، فلما وصل إلى قوله: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} [النور:43] خر ساجداً لإعجاز هذه الألفاظ في ترتيبها ودقتها في وصف المطر، وتهيئته، وإنزال الغيث منه، وكذلك فإن كثيراً من الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في بداية عهده إنما كان لإعجابهم بإعجاز القرآن بالألفاظ نفسها والسياق، ولذلك قال عتبة بن ربيعة: والله لقد سمعت سجع الكهان، وشعر الشعراء، وخطب البلغاء، فما سمعت شيئاً كهذا القرآن.
وقد بين الله سبحانه وتعالى هذا النوع من الإعجاز فيه، وأرشد إليه في عدد كبير من الآيات.