فآمنوا به وما أتى به فاقفوا وإن لم يأت في كتابه فمن تمام الإيمان به صلى الله عليه وسلم أن يصدق في كل ما أخبر به، وأن يطاع في كل ما أمر به، وألا يعبد الله إلا بما شرع، وهو ما بين النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قوله: (وما أتى به فاقفوا).
أي: كل ما جاء به من عند الله تعالى فيجب اقتفاؤه أمراً كان أو نهياً، فالأمر اقتفاؤه بعمله، والنهي اقتفاؤه باجتنابه، ولهذا قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7].
(وإن لم يأت في كتابه)، أي: في القرآن، (فإنه أوتي مثله معه)، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعددة منها حديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن يأتي رجل شبعان متكئ على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله)، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه).
فعلى هذا فإن كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من التشريع سواء جاء في القرآن أو في السنة يجب اتباعه واقتفاؤه، ولذلك صح عن ابن مسعود أن امرأة أتته فقالت: (يا أبا عبد الرحمن سمعت أنك تلعنني، فقال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله، وكانت هذه المرأة واشمة تشم النساء، فقالت: لقد قرأت المصحف من الجلدة إلى الجلدة وما وجدت فيه ذلك، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما وجدت قول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7]، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن الواشمات والمستوشمات).