كتب علي رضي الله عنه إلى أحد عماله: غرك عزك فصار قصار ذلك ذُلّك، فاخش فاحش فعلك فعلّك تهدا بهذا كل كلمة تشبه الأخرى التي قبلها في الخط، وليس لديهم نقاط إذ ذاك، فقوله: (غرك عزك) تتشابهان في كتابتهما (فصار قصار) متشابهتان أيضاً (ذلك ذُلّك) كذلك، (فاخش فاحش) (فعلك فعلّك) (تهدا بهذا) كل كلمتين تشبه إحداهما الأخرى، وكذلك قال لكاتبه: ألصق روانفك بالجبوب، وخذ المزبر بأباخسك، واجعل جحمتيك إلى قيهلي، حتى لا أنبس نبسةً إلا أوعيتها في حماطة جلجلانك! وقد سئل مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي عن تفسير هذا الكلام فقال: ألصق معناها: ألزق، وروانفك: عضرتك، والجبوب: الصلة، وخذ المسطر: خذ المزبر، بأباخسك: بشناترك، واجعل جحمتيك: اجعل حندورتيك، إلى قيهلي: إلى أثعباني، حتى لا أنبس نبسةً: حتى لا أنغي نغية، إلا أودعتها: إلا أوعيتها، في حماطة جلجلانك: في لمظة رباطك.
ففسرها بما يشبهها من كلام العرب، ونحن نعلم أن كثيراً من الناس اليوم تتعلق نفوسهم بأن يكونوا كأسلافهم الصالحين، وأن يدركوا بعض ما أدركوه، فكثير من الذين اشتهروا في بلادنا هذه بالعلم، إنما كان تبريزهم فيه على أساس فهمهم في الكتاب والسنة لإحاطتهم باللغة، ولهذا فإن هذه البلاد يجب أن تبقى قلعةً للغة العربية، وأن يحافظ أهلها على ذلك، ولهذا فمن المعروف في العالم كله، بأن أهل هذه البلاد هم أهل العربية على وجه السليقة، وإذا زال ذلك وانمحى فليس لهم شيء يذكرون به غير هذا، فالشيخ محمد المامي رحمه الله يقول: فكانت في جزيرتها حجازاً ونحن لها معداً آخرينا لا بد أن تبقوا معداً آخرين وأن تبقى هذه البلاد حجازاً كما كانت.