الحكمة من عروبة النبي صلى الله عليه وسلم

واختلف في اشتقاق لفظ العرب، فقيل: من أعرب الكلام إذا أبانه، لفصاحتهم.

وقيل: من تعرب إذا سكن البادية؛ لأنهم الأمة التي لم تكن لها حضارة مستقرة قديماً.

وقيل: من أعرب الشيء بمعنى حسنه، لحسن صورهم ووجوههم، فهم من أحسن الأمم خلقة.

وقد شرفهم الله بنسبة النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، لكنه لم يرسل إليهم خاصة، بل أرسل إلى الناس كافة.

ومن الحكم في اختيار أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل من العرب أن لغة العرب من أطيب اللغات وأكثرها بياناً ووضوحاً؛ فلذلك اختير أن تكون لغة هذه الرسالة التي يراد عمومها وشمولها، فلو كان القرآن باللغة الإنجليزية أو باللغة الفرنسية، أو بأي لغة أخرى غير العربية فإنه سيتعداه تطورات في اللغة؛ ولذلك لو عرض شعر الشعراء الإنجليز قبل مائة سنة على الناس اليوم لوجدوا أكثر الكلمات التي فيه لم تعد مستعملة، وكثير من الكلمات التي استعملت فيه قد تغيرت دلالتها، وجاءت في معنى آخر، ولو أخذت شعر امرئ القيس الذي كان قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بمائة سنة وعرضته على صبيان العرب لفهموا مفرداته، كقوله: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل وهذا الركود يقتضي استمرار دلالات الألفاظ ووضوحها على مدى الزمان، ولا يوجد في لغة من لغات العالم مثل هذا الركود إلا اللغات المتخلفة جداً مثل لغة الصين، التي ليس لها إعراب ولا تركيب، وإنما الكلام فيها كله مفردات، فجميع كلامهم مفردات فقط؛ ولذلك حروفها أكثر من ثلاثة آلاف حرف، بينما حروف العربية تسعة وعشرون حرفاً فقط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015