والعرب ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: إلى عرب بائدة، أي: قد انتهت ولم يبق لها بقية، وهؤلاء منهم طسم وجديس ووبار وجرهم.
فجرهم هم الذين تعرب فيهم إسماعيل عليه السلام، ولكنهم بادوا ولم تبق لهم بقية حين جاروا في الحرم فأهلكهم الله؛ ولذلك يقول أحدهم وهو عمرو بن مضاض الجرهمي: كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر بلى نحن كنا أهلها فأبادنا صروف الليالي والجدود العواثر ومن ذلك طسم وجديس فقد اقتتلا حتى تفانيا، وكذلك وبار، فقد هلكت ولم تبق لها بقية.
القسم الثاني: العرب العاربة: وهم ذرية قحطان، وقد نسب النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الترمذي في السنن إلى سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان عشر قبائل، وهي: حمير والأزد ومذجح وأنمار والأشعريين، وكندة، وهذه القبائل الست من أهل اليمن، ثم القبائل الأربع الباقية هي: لخم وجذام وعاملة وغسان، فهذه أربع قبائل تشاءمت، أي: خرجت إلى شمال الجزيرة العربية.
فهذه القبائل العشر من ذرية قحطان قطعاً، وقحطان اختلف فيه هل هو هود عليه السلام أو ابنه؟ فجمهور النسابين يعدونه ابن هود، ولذلك قال أبو الطيب المتنبي: إلى الثمر الحلو الذي طيء له فروع وقحطان بن هود له أصل إلى سيد لو بشر الله أمة بغير نبيٍ بشرتنا به الرسل ويدخل في عداد القحطانيين على الراجح قبائل قضاعة كلها، وإن كانوا سكنوا في العدنانيين واستوطنوا بلادهم؛ ولذلك انتحل لهم النسابون نسباً بـ عدنان لا يصح، وهو أن قضاعة من ذرية معد؛ لكن الراجح أن قضاعة هو ابن مالك بن حمير، فهم من حمير على كثرة أعدادهم، فمنهم بنو كلب بن غمرة الذين منهم زيد بن حارثة ودحية الكلبي، وهي قبائل ذات عدد، منهم: بنو عذرة، الذين اشتهروا بالعشق قديماً في الجاهلية، وكذلك بنو طيء.
أما القسم الثالث: فهو العرب المستعربة، وهم من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وهؤلاء هم الذين منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعنى كونهم (مستعربة) أنهم لم يكونوا ناطقين بالعربية ثم تعلموها بسكناهم في العرب.