قال: [مما إليه الأشعري قد رجع متبعاً أحمد نعم المتبع] هذه المسائل التي يذكرها هنا ذكرها أبو الحسن الأشعري وقد رجع إليها، وهو إمام من أئمة أهل السنة المشاهير، وبالأخص أن جمهور الأمة من بعد ظهوره إلى زمانه هذا ينتسبون إليه، فينتسب إليه الملايين في مختلف بلدان العالم منذ اشتهر في القرن الرابع الهجري إلى هذا الزمان، فهذه عشرة قرون ينتسب إليه فيها جمهور أمة محمد صلى الله عليه وسلم في الاعتقاد، ويقصدون بذلك مخالفتهم للمعتزلة؛ لأنه هو عدو المعتزلة الأول، وهو أول من استطاع أن يرد مسائلهم.
(مما إليه الأشعري قد رجع): والأشعري قد رجع عن مذهب المعتزلة ورجع عن المذهب الأشعري الذي تحول إليه إلى مذهب أحمد وقد صرح بذلك، فصرح بأن طريقته في النصوص طريقة أحمد بن حنبل.
(متبعاً أحمد) هو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الربعي، من بني ربيعة من بني شيبان من بني بكر بن وائل بن ربيعة، وهو إمام أهل السنة في زمانه وأحد الأئمة الأربعة المتبوعين.
(نعم المتبع): أثنى على أحمد بأنه نعم المتبع، وقد وفق الأشعري حين اتبعه بذلك، لأنه مرضي عنه، فلا يختلف اثنان من أهل السنة في ذلك.
قال: [لا ما يقول من لذا أو ذا انتمى زعماً ولم يسر على ما رسما] يقول: إن ما ذكره هنا موافق لما كان عليه أحمد بن حنبل وما رجع إليه الأشعري متبعاً أحمد في ذلك، (لا ما يقول من لذا أو ذا انتمى) أي: أنه لا يأتي بما يقوله المنتسبون إلى الأشعرية أو المنتسبون إلى أحمد ممن لم يسر على طريقتهما، فكثير من أتباع الأشعرية أحدثوا كثيراً من المسائل التي لم يقل بها الأشعري، وكثير من أتباع أحمد أحدثوا كثيراً من المسائل التي لم يقل بها أحمد، فهو تجنب أقوال المحدثين من الطائفتين وأتى بلب المسألة.
لذلك قال: (لا من يقول من لذا) ويقصد به الأشعرية.
(أو ذا): ويقصد به أتباع أحمد بن حنبل.
(انتمى): معناها: انتسب.
(زعماً): أي: في زعمه.
(ولم يسر على ما رسما)؛ لأنه خالفهما فأتى بأشياء لم يقولا بها.
ثم بدأ في العقيدة بعد هذه المقدمة.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.