حكم تعلم علم العقائد

إن الحكم الشرعي لهذا العلم ينقسم إلى قسمين باعتبار المدروس فيه: القسم الأول: ما يجب على الأعيان: وهو ما يحقق به الإنسان إيمانه بأركان الإيمان الستة، وهذا القدر واجب على كل مسلم، فلا يدخل الإنسان الإسلام حتى يؤمن بأركان الإيمان الستة، ويجب ذلك على وجه الإجمال ولا يجب على وجه التفصيل، لا يجب أن تعرف كل مسائل القدر كالطيرة والتمائم والفأل ونحو ذلك، فهذه من تفصيلات القدر، إنما يجب عليك الإيمان بالقدر خيره وشره.

القسم الثاني: الواجب الكفائي: والواجب الكفائي ما يجب على الأمة جميعاً تعلمه من هذا العلم، وهو بقية المسائل التفصيلية، فهذا العلم بكل دقائقه وبكل ما يحدث فيه فرض كفاية على الأمة يجب عليها تعلمه، سواء منه ما طرأ وتجدد وما كان معروفاً في عهد السلف.

فالذي يطرأ منه ويتجدد يتوقف على ظهور الشبهات التي تحصل في اعتقاد الناس، ويجب رد هذه الشبهات ومعرفة الصواب منها من الخطأ، وكل أمر تجدد لابد أن ينطلق الناس منه من هذا المنطلق، وأن يعرفوا حكم الله فيه، ويجب على الأمة أن يكون فيها من يستطيع معرفة الصواب فيه من الخطأ، فإن لم تفعل الأمة أثمت بعمومها، وإن قام بذلك من يكفي سقط الإثم عن البقية، وهكذا فروض الكفاية كلها.

وفرض الكفاية عند القيام به فإنه يكون نافلة من النوافل، من قام به يزداد أجره ويزداد ثوابه، ولكنه لا يكون قائماً بالفرض نفسه، لكن قال العلماء: ينبغي أن ينوي نية فرض الكفاية ليحصل له الثواب ولو كان قام به الغير، وذلك حتى يحصل له ثواب فرض الكفاية، فمثلاً نحن الآن نتعلم هذا العلم مع أنه يوجد كثير من المتخصصين فيه، ولا يجب علينا بأعياننا، لكن ينبغي أن ننوي نية فرض كفاية ليحصل لنا أجر الواجب، ولا نقتصر على نية الندب فقط.

ومن هنا فإن قضية استحضار النية في دراسة أي علم من العلوم مقتضٍ بأن يستمر الإنسان فيه وألا ينهزم أمامه؛ لأن العلوم فيها كثير من المشقة وكثير من المسائل الصعبة جداً، وإذا دخل إليها الإنسان يريد ترويحاً عن نفسه ويريد إشباع رغبة لديه فقط، فإنه إذا صدم بأول مسألة تراجع وقال: لا أستمر في هذا الطريق، لكن إذا لم تكن نيته مجرد الاكتشاف والبحث، وإنما جاء بنية التقرب إلى الله والعبادة بحفظ هذه العلوم على الأمة، وسد مسد لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن هذه النية تقتضي منه الصمود والصبر حتى لو عانى ألف مشكلة، فيستمر على هذا الطريق صامداً عليه صابراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015