إن هذا العلم من أفضل العلوم الشرعية؛ لأن فضل كل علم إنما هو بحسب فائدته، وهذا العلم به يزداد إيمان الإنسان وتزداد محبته لله سبحانه وتعالى إذا سلك به الطريق الصحيح.
أما إذا لم يسلك به الطريق الصحيح كما حصل في أيام الذهبي رحمه الله، مما حمله على أن يقول عن علم التوحيد: إن مدارسته تؤدي إلى القسوة وعدم الخشية؛ لأنه أصبح عبارة عن مناقشات ومطاحنات وتعصبات بين الفرق، ولم يعد يبحث فيه عن أصله الذي هو ما يدل على الاتصال بالله سبحانه وتعالى، ويلزم الإنسان خشيته: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28] فمن لا يعرف الله لا يخشاه، وفائدة معرفتك لصفات الله محبتك له، فأنت تعرف أنه المتصف بصفات الكمال، وأنه الذي لديه ما ينفعك ولديه ما يضرك، وهو وحده القادر عليك، ومن أجل هذا تحبه وترغب فيما عنده وتتصل به.
فإذا لم تنظر هذا المنظار في هذا العلم فلم تستغله استغلالاً صحيحاً، وحينئذ يؤدي إلى نتائج عكسية، وذلك إذا جعل مجرد مطاحنات واختلافات وأمور عقلية بحتة، فيؤدي إلى القسوة ويؤدي إلى التصلف وسوء الخلق، أما إذا أخذ بمأخذه الأصلي وهو البحث عما يزيد حبك لله وعلاقتك به وخشيتك له، فإنه يزيد رقة ويزيد خشوعاً وخشية لله سبحانه وتعالى، وهذا المطلوب فيه، فهو من هذه الناحية من أفضل ما يشتغل به من العلوم لكننا سنذكر في ذلك تفصيلاً، فدرجاته متفاوتة من ناحية الفضل كغيره من العلوم.