فمن هنا يصعب علينا أن نعين شخصاً واحداً بأنه واضع هذا العلم بالكلية، لكن رجالاته الذين اشتهروا فيه، وأبرزوا هذا العلم ونشروه: أبو الحسن الأشعري والطحاوي والبيهقي وأبو نعيم الأصفهاني صاحب حلية الأولياء، وكذلك يحيى بن مندة أبو القاسم، وكذلك الإمام أبو بكر بن خزيمة.
ثم جاء بعد هؤلاء أئمة توالوا على التصنيف في الاعتقاد، ومنهم أبو بكر الباقلاني وهو من أشهرهم وأكثرهم اهتماماً بهذا الجانب وأقواهم حجة في المجال العقدي، وقد نشأت مدرسة كبيرة بعد الباقلاني من تلامذته مثل أبي إسحاق الإسفرائيني ومثل أبي إسحاق الشيرازي ومثل أبي المعالي الجويني ومثل القاضي الحسين الشافعي.
وبعد هؤلاء جاء أبو حامد الغزالي المتوفى سنة خمسمائة وخمسة، ثم بعده الرازي المتوفى سنة ستمائة وستة، ثم بعده عدد كبير من الأئمة إلى أن نصل إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ومعاصريه أمثال علي بن عبد الكافي السبكي والإمام الذهبي محمد بن عثمان، وكذا أبو بكر شمس الدين بن القيم فإنه يعد في عداد المبدعين في هذا المجال المؤلفين فيه، فهؤلاء أهم المشاهير الذين ألفوا في مجال الاعتقاد.
ويمكن أن نعد منهم أيضاً بعض المحدثين الذين أفردوا كتباً في هذا المجال، ومن هؤلاء الآجري الذي ألف كتاب الشريعة، وكذلك ابن البناء الحنبلي الذي اختصر كتاب الشريعة في كتابه المختار، وكذلك اللالكائي الذي ألف كتاب شرح أصول الاعتقاد، وكذلك القاضي أبو يعلى الحنبلي الذي ذكر في طبقات الحنابلة تفاصيل مذهب أحمد في كثير من الأمور العقدية، وكذلك عبد العزيز الكناني الذي تصدى للجهمية وحاول الرد على كثير من شبهاتهم، وإن كان لم يتطرق لجوانب الاعتقاد الأخرى، فكتابه الحيدة ذكر فيه مناظرته مع بشر المريسي فقط.