ألف السلف بعض الكتب التي سموها بالإيمان مثل كتاب الإيمان لـ أبي بكر بن أبي شيبة، وكتاب الإيمان لـ ابن أبي عاصم، وكتاب الإيمان لـ أبي خيثمة زهير بن حرب، شيخ الإمام مسلم بن الحجاج، وكذلك كتاب السنة للحميدي أبي بكر عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي شيخ البخاري وتلميذ الشافعي، وكذلك كتاب السنة لـ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وكذلك كتاب السنة لـ عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل الشيباني وهو معاصر للأشعري، وكذلك كتاب السنة لـ أبي بكر الخلال وهو من أصحاب الإمام أحمد كذلك.
وكذلك بعض المحدثين الذين جاءوا بعد الأشعري مثل ابن مندة الذي ألف كتاب الإيمان وهو كتاب حافل، ومثل أبي بكر بن خزيمة إمام الأئمة الذي ألف كتاب التوحيد وهو كتاب مهم في بابه، فهؤلاء لم يؤلفوا هذه الكتب على طريقة التخصص، وإنما ألفوها على طريقة المحدثين، فيذكرون أسانيدهم ببعض الآثار وبعض الأقوال المنسوبة إلى الصحابة أو التابعين أو من دونهم من السلف.
وأما الذين ألفوا كتباً متخصصة في الردود على بعض الطوائف فإن كتبهم أيضاً لم تستوعب جميع هذه الجوانب، ومن هؤلاء البخاري رحمه الله، وهو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي، فقد ألف كتاباً سماه: خلق أفعال العباد والرد على الجهمية، وكذلك الدارمي ألف كتاب الرد على الجهمية، وكذلك الإمام أحمد ألف كتاب الرد على الجهمية، وكذلك يحيى بن معين فقد كتب ورقات في الرد على الجهمية، لكن هذه الردود لا يقصد بها تناول جوانب الاعتقاد المختلفة، وإنما ترد بعض الشبهات التي أثارتها بعض الطوائف الإسلامية وبالأخص طائفة المعتزلة في مختلف تشعباتها وآرائها.
ثم بعد هؤلاء جاء من وضع أصولاً جامعة مانعة في الاعتقاد كالإمام أبي جعفر أحمد بن سلامة الأزدي المشهور بـ الطحاوي الحنفي، وهو ابن أخت إبراهيم المزني تلميذ الشافعي، وقد ألف كتاباً في الاعتقاد سماه: عقيدة الأئمة، ويقصد بالأئمة أبا حنيفة ومحمد بن الحسن الشيباني، وأبا يوسف وهي عقيدة الطحاوي الموجودة بين أيدينا اليوم في ورقات صغيرة، لكن تلقتها الأمة بالقبول فكثرت شروحها.
ثم جاء بعده الإمام أبو بكر البيهقي وألف كتاباً سماه: الاعتقاد، لكنه سار فيه على طريقة الأشعري في مذهبه الأوسط في كثير من أموره، ولا يمكن أن يعتبر البيهقي واضعاً لعلم العقيدة أو علم الاعتقاد؛ لأنه قد سبقه الأشعري وتبعه في كتابه هذا، وحتى في كتابه الذي ألفه على طريقة المحدثين وهو كتاب الأسماء والصفات، فإنه أول فيه بعض الأحاديث على طريقة الأشعري.
كذلك من الذين ألفوا كتباً مستقلة في هذا الباب: الإمام الدارقطني، وقد ألف كتاب الصفات، وهو كتاب صغير، وكتاب القدر، وهو كتاب صغير كذلك، وكتاب الرؤية، لكن هذه الكتب كلها تعالج جانباً واحداً من جوانب الاعتقاد، ولا تلم بجميع جوانبه.
وقد سبق التأليف في القدر، فقد كتب مالك رسالة في القدر لكنها لم ترو بالأسانيد.
وألف عبد الله بن وهب صاحب مالك كتاباً في القدر وهو موجود ومطبوع، لكنه يتعلق بجانب واحد، وألفه على طريقة المحدثين بذكر الأسانيد، ولا يذكر القواعد العقلية التي تميز هذا العلم وتجعله مستقلاً عن علم الحديث.