قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنه كان فيمن قبلكم محدثون، فإن يكن في أمتي منهم أحد فـ عمر بن الخطاب)، فلاشك أن في هذه الأمة عدداً من المحدثين الذين يطلعهم الله تعالى على بعض الأمور التي ليست غيباً بالنسبة لهم لكنها غيب بالنسبة لمن سواهم، لكن هذا ليس من النبوة قطعاً.
كثير من الناس يزعم أن كل من أخبر عن مغيب فإنه قد حاول الاطلاع على الغيب، وهذا خطأ لأن الله يكشف لبعض عباده بعض المغيبات فلا تكون غيباً بالنسبة إليهم وإنما تكون من عالم الشهادة، كما حصل لـ عمر مع سارية.
وهذا النوع من الغيب يمثل له بالجزار قبل أن يفتح بطن الشاة، فما في بطنها غيب بالنسبة إليه، لكنه إذا فتحه واطلع عليه زال ذلك فلم يكن غيباً بالنسبة إليه، ومثل الغائب عنك، فإن من في بيتك الآن يرى ما لا تراه، فما في بيتك غيب بالنسبة إليك وشهادة بالنسبة للحاضر عندهم، فالغيب غيبان: غيب عن كل الناس، وهذا لا يطلع عليه أحد مثل ما يقع في غد، ومنه مفاتيح الغيب الخمسة.
وغيب عن بعض الناس شهادة لبعضهم، مثل: ما يراه الطبيب بالتشخيص، فهذا بالنسبة لك أنت غيب وأنت واقف بجنبه، لكنه ليس غيباً بالنسبة إليه؛ لأنه يراه بالمرصد والمنظار ونحو ذلك.
وكذلك المحدثون الذين أطلعهم الله على بعض هذه الأمور، فهي شهادة بالنسبة إليهم غيب بالنسبة إلى من سواهم، ولا يرفض هذا قاعدة الغيب.