الذكاء

الوسيلة الثانية: الذكاء، فإن كثيرًا من المسائل لا يمكن أن يفهمها الأغبياء، بل اشتغالهم بها من العبث، والاشتغال بما لا يطاق، فإنما يشتغل بالطلب من كان أهلاً له، كما قال أبو العلاء المعري: أرى العنقاء تكبر أن تصادا فعاند من تطيق له عنادا وقديمًا قال أحد الفقهاء: تصدر للتدريس كل مهوّسِ بليد تسمى بالفقيه المدرسِ فحُقَّ لأهل العلم أن يتمثلوا ببيت قديم شاع في كل مجلسِ لقد هزلت حتى بدا من هزالها كُلاها وحتى سامها كل مفلسِ فمن لم يتأهل لذلك بذكائه فلا يمكن أن يزاحم أهل العلم عليه.

والذكاء قسمان: 1 - موهوب.

2 - مكتسب.

فالموهوب منه: ما فطر الله الناس عليه، وقد جعلهم متفاوتين في الذكاء والإدراك.

والمكتسب منه: ما يحصل بالدعاء والعبادة، وقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا استغلقت عليه مسألة وصعب عليه فهمها أقبل على الله بالدعاء، فيجتهد ويقول: (يا مفهم سليمان! فهمني، ويا معلم داود! علمني) ويجتهد بذلك حتى تفتح له المسألة.

والأذكياء من الطلبة هم الذين يستحقون ما يوقف على طلاب العلم وما يخصص لهم من بيت المال، وقد قال جدي محمد علي رحمه الله: من واجب الإسلام جمع مالِ تقضى به حقوق بيت المالِ إن لم يكن كحامل علومِ فرض الكفاية من الموسومِ بحسن إدراك مع السريرة والطيب في سجية والسيرة ومن خلا من هذه الأوصافِ منعه لفقد الاتصافِ بل طلب العلم بتلك المرتبة خالٍ من المصلحة المجتلبة بل هو من تكليف ما لم يطقِ وعبث في فعله والمنطقِ وكل ذين حجروه حجرا فكيف يأخذ عليه أجرا ذكره الموَّاق في الإيداعِ فانظر تجده (يوم يدع الداعي)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015