خص الله جل وعلا عيسى بالنزول دون غيره من الأنبياء، وأن نزول عيسى عليه الصلاة والسلام علامة من علامات الساعة الكبرى، قال الله جل وعلا: {وَإِنَّهُ} [الزخرف:61]، فالضمير عائد على عيسى، {لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا} [الزخرف:61]، وقال الله جل وعلا: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء:159].
فنزول عيسى أمر جاء به صريح القران، وجاء به صحيح سنة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه بعد ظهور الدجال وما يشيع في الأرض من فساد كبير، ينزل عيسى بن مريم واضعاً يديه على جناحي ملك شرقي المنارة البيضاء عند بيت المقدس، وبيده حربة يطعن بها الدجال فيموت الدجال، فيحكم عيسى عليه السلام بالعدل فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويرى الناس في عهده الأمنة والبركة، وهذا من علامات الساعة الكبرى.
وهناك
Q لماذا كان عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزمان دون غيره من الأنبياء؟
و صلى الله عليه وسلم أولاً: لسنا مطالبين بهذا إلزاماً، لكننا نقول: إن كثيراً من العلماء تلمسوا الحكمة في هذا فذكروا أموراً لا نجد غضاضة في قولها، وربما كانت قريبة من الصواب، منها: حتى يبين الله جل وعلا بطلان ما زعمته اليهود أنهم قتلوا المسيح بن مريم، وفي نزوله عليه الصلاة والسلام: إثبات لضلال أولئك اليهود؛ ولكي يعلموا أنهم لم يصلوا إلى عيسى ولم يتطاولوا عليه؛ لأن الله جل وعلا حفظه من كيدهم وشرهم.
الحكمة الثانية: في نزوله عليه السلام بيان لبطلان عقيدة النصارى في أن المسيح صلب وخلَّص الناس من خطاياهم، فبنزوله يثبت عدم صلبه وبذلك يبطل عقيدة من زعم من النصارى أن المسيح صلب، وكذلك من الحكم في نزول المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أن عيسى عليه الصلاة والسلام هو آخر الأنبياء عهداً وأقربهم عهداً نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال كما في صحيح البخاري: (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم).
وكذلك من الحكم: في ذلك بيان أنه بشر، فلا بد أن يدفن في الأرض، فكان حقاً أن ينزل إلى الأرض كرة أخرى فيموت فيها كما يموت البشر، ثم يدفن فيها كما يدفن البشر.