قال: (وأمركم بالصدقة، وإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فأوثق يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه، فقال: هل لي أن أفتدي منكم بمالي؟ -أن أعطيكم مالي وتتركوني- فقبلوا ذلك، فأعطاهم القليل والكثير) كأنما قال: لم يبق معه شيئاً ليستنقذ نفسه ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما المرء تحت ظل صدقته يوم القيامة) فلا تحقرن شيئاً من الصدقات، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقبل الصدقة بيمينه فيربيها للعبد كما يربي أحدكم فلوه) فيأتي الإنسان يوم القيامة وله جبال من الحسنات، وما هي إلا من صدقة قدمها، والنبي عليه الصلاة والسلام قال لزوجاته: (أسرعكن لحوقاً بي أطولكن يداً) فاجتمعن نساؤه لينظرن أيهن أطول يداً.
ولم يعلمن وجه الحديث حتى ماتت زينب، وكانت أكثرهن تصدقاً.
فلما ماتت زينب رضي الله عنها علمن أن المقصود بطول اليد في الحديث هو طول اليد بالصدقة، وكانت زينب كثيرة الصدقة، ومرة أرسل لها عمر بن الخطاب بعطائها فقالت: (مالي ولهذا؟! لأفرقنه كله، ثم قالت: اللهم لا تدركني صدقة عمر)، فماتت رضي الله عنها.