كان الرجل له رغبة في أن يتوب، وأراد أن يتوب، تقول الرواية: (فناء بصدره) وناء يعني: أن صدره تقدم للأمام قليلاً، وهذا دليل على الإقبال والمسارعة والمبادرة، فناء بصدره إلى هذه الأرض، يعني ما خرج إلا خطوات ومات، (فاختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فملائكة الرحمة تقول: إنه خرج تائباً إلى الله بقلبه) وانتبه إلى هذا الكلام، فهذا يدلنا على أن العبد لو عصى الله بجوارحه ثم عزم عزماً أكيداً على التوبة ولم يمهل حتى يعمل بالجوارح؛ أنه يقبل منه؛ لأن القلب ملك البدن، فكيف يُرَدُّ على الملك عمله وتؤاخذ الجوارح؟ وربنا سبحانه وتعالى يقول: {إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [القصص:8]، فأخَّر ذكر الجنود، إذ ليس من المعقول أن أمسك بالجندي فأعاقبه وأعفي الملك وهو الذي أصدر القرار وهو الذي وضع القانون، إذاًَ اعتبار عمل القلب أولاً.