فلما انعقد قلبه على التوبة ولم يمهل ليعمل بالجوارح، اعتبر عمل القلب وأهدر عمل الجوارح، فهو الملك، (فملائكة الرحمة قالوا: إنه خرج تائباً إلى الله بقلبه، وملائكة العذاب تقول: إنه لم يعمل خيراً قط) وانتبه لهذا الكلام! من في الناس لم يعمل خيراً قط؟ من الممكن أن يكون فينا ناس -وما أبرئ نفسي- ذنوبهم تصل إلى عنان السماء، ولكنه عمل خيراً، لكن هذا الرجل لم يعمل خيراً قط، وقتل مائة نفس، ومع ذلك تيب عليه، فالحديث يحفز العاصي أن يتوب، ويرجع إلى الله، والمجتمع كله يستفيد من رجوع هذا العاصي.
فملائكة العذاب تقول: إنه لم يعمل خيراً قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي، فقالوا: نحكم هذا الآتي، وقالوا له: الوضع كذا وكذا، والله عز وجل قد علم هذا الملك كيف يقضي، فهذا الرجل خرج من أرضه وليس بينه وبينها سوى مترين وبقي له اثنان من الكيلو مترات حتى يصل إلى الأرض التي سيدخلها، ولمعالجة هذه المسألة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فقال الله لهذه الأرض أن تقاربي، ولهذه أن تباعدي)، قال: (فوجدوه أقرب إلى أرض المغفرة بشبر واحد، فغفر له فدخل الجنة).
نستطيع أن نقول: أيها العاصي أقبل، ونحن الآن في بداية شعبان ورمضان على الأبواب، ورمضان موسم العصاة، فالعصاة يرجعون، فكم من عاص رجع في رمضان، وكم من ولي من أولياء الله كان بدايته في رمضان.
الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.