كنا وصلنا إلى أن الرجل القاتل ذهب إلى عالم، هكذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال في الأول: راهب، وفي الثاني قال: عالم، إشارة منه إلى أن الأول لم يكن عالماً، وإلا لو كان الأول عالماً لما كان وصف الآخر بالعلم له معنى، وهذا يشبه قول الرسول عليه الصلاة والسلام لما جاءت غزوة تبوك وجاءه المنافقون والمعذرون من الأعراب يعتذرون عن تخلفهم عن غزوة تبوك وقالوا: استغفر لنا، قال لهم: (غفر الله لكم غفر الله لكم) ثم جاء كعب بن مالك وقال: (لقد أوتيت جدلاً، والله ما كان لي من عذر، ولا كنت أيسر مني في هذه الغزوة، ولم أجمع بين راحلتين إلا في هذه الغزوة)، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أما هذا فقد صدق)، وهذا إشارة إلى كذب الأولين، ومع أنه قد فهمها النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أنه استغفر لهم؛ لأنه يحكم على الظاهر، ولا يحق لأحد يأتي من بعده أن يتجرأ ويشق عن صدور الناس.
فعندما يقول في الثاني: عالم، وأخلى الأول من صفة العلم دلّ على أن الأول جاهل.