سلوك المرء الصالح له أثر في كل من في البيت وفي كل من حوله، فهذا الإمام أحمد بن عبد الله العجلي رحمه الله، روى في كتاب: الثقات في ترجمة أحد العلماء، اسمه الحسن بن صالح بن حي، أن الحسن باع جاريةً له، فاشتراها رجل، وذهبت الجارية إلى بيت الرجل المشتري، وفي نصف الليل قامت الجارية تقول: يا أهل الدار! الصلاة الصلاة، أي: قوموا إلى الصلاة، فقالوا لها: أأذن الفجر؟ فقالت لهم: ولا تصلون إلا الفجر؟ قالوا: نعم.
فقالت لهم: لا تقومون الليل؟ قالوا: لا.
فلما أصبح الصباح رجعت إلى الحسن، وقالت: ردني إليك، فإنك بعتني إلى قوم سوءٍ لا يقومون الليل.
هذه جارية مملوكة من أين أخذت هذا الخلق؟ أخذته من هذا البيت.
أذكر لكم عن هذا البيت كيف كان شكله وكيف كان وضعه؟ هذا البيت كان فيه الحسن بن صالح بن حي، وأخيه علي بن صالح بن حي وأمهما، وكان طريقتهم كالآتي: كانوا يقسِّمون الليل ثلاثة أقسام، الحسن بن صالح يقوم في الثلث الأول، وعلي بن صالح يقوم في الثلث الثاني، وأمهم تقوم في الثلث الثالث، فلما ماتت الأم قسم علي الحسن الليل بالنصف، يقتسمان وقت الأم بينهما، فلما مات الحسن، حمل علي الليل كله، هذا هو البيت، فجارية تعيش في مثل هذا البيت كيف لا تقول مثل هذه المقالة الرائعة: إنك بعتني إلى قوم سوءٍ لا يقومون الليل؟! ابنك كاميرا مثل (الكاميرا المسجلة) يلتقط عليك كل حركاتك، فإياك أن تتصور أن الولد يغفل عنك، فالولد يتأسى بك، فكل شيءٍ تفعله يصوره ويسجله (كالكاميرا المسجلة)، فعظم حرمات الله أمام الولد، إذا ذُكر الله فاجهر بالثناء عليه أمام الولد، وإذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فارفع صوتك بالتسليم والصلاة عليه أمام الولد، هذا كله يؤثر في بنيان الولد، وفي تربيته، عظم حرمات الله عز وجل، فإنها من تقوى القلوب.