المقدم: نود يا شيخ أن نتعرف بشكل مجمل على أهم الافتراءات التي تحيط بهذه الدعوة؟ الشيخ: حتى يكون الأمر واضحاً فلا بد أن نضع النقاط على الحروف، بمعنى: أننا سنذكر ما قاله الشيخ الإمام: محمد بن عبد الوهاب في إحدى رسائله من خلال عرضه لأبرز الشبهات والمفتريات في وقته، وكيفية رده عليها.
ثم لعلنا نتناول بعض النقاط كنماذج من هذه المفتريات، والشيخ: محمد قد أثيرت عليه مفتريات من قبل خصومه، ذكرها في إحدى رسائله وذكرها الخصوم، وسأذكرها من خلال رسالة له يقول فيها: منها قوله: -يعني: أن خصماً من الخصوم قد جمع المفتريات والاتهامات من كذب وتلبيس وغير ذلك على الدعوة- إني مبطل كتب المذاهب الأربعة.
وهذه ليست قول واحد من الخصوم، لكن أراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن يرد على واحد ليوثق أن هذه المقالة لم يسمعها من عامة الناس، بل إنما سمعها من واحد يدعي العلم، وهي السائدة في وقته ليس فقط في مجتمع الإمام: محمد بن عبد الوهاب، بل السائدة في عموم جزيرة العرب، كما انتقلت هذه الشبهات إلى دول المغرب وإلى الشام وهو حي، فهو أجاب على واحدة منها، كتب هذه الشبهات أحد خصومه.
وقال الشيخ يذكر كلام الخصم: وإني أقول: إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء.
المقدم: يقصد أنهم كفار.
الشيخ: نعم، ثم قال: ثالثاً: وإني لا أدعي الاجتهاد.
فتأمل ورع الشيخ، وكيف أن خصومه يعترفون له بدرجة الاجتهاد وهو ينفي عن نفسه ذلك، وكون الخلق يعترفون له بالاجتهاد، فهذا فضل من الله عز وجل، لكنه يقول: أنا لا أدعي الاجتهاد.
ثم رابعاً: يقول: وإني خارج عن التقليد.
يعني: عن الاتباع والاهتداء بأئمة سابقين، فهم قالوا: إن الشيخ ليس له سلف ولا يعترف بالعلماء السابقين ولا المعاصرين، وبالمناسبة قبل أن أذكر جواب الشيخ، العجيب أني قد وجدت أن أقوى رسائل الشيخ هي للعلماء المعاصرين له في كل مكان يصل إليه، فكان يحترمهم ويجلهم بخلاف ما يزعم هؤلاء الخصوم من أن الشيخ ودعوة الإمام تتقوقع على أهلها، فقد كتب لأئمة اليمن رسائل في مدحهم والثناء عليهم، والاعتراف لهم بالفضل والعلم، هذه الرسائل تكتب بماء الذهب، وكذلك كتب إلى علماء الشام وعلماء العراق وعلماء المغرب يعترف لهم بالعلم والإمامة، ومن هنا أنبه على دعوة الكذبة الذين كذبوا علينا -من الذين ينتسبون للدعوة ومن خصومها- فقالوا: إن منابذة العلماء من منهج الشيخ الإمام: محمد بن عبد الوهاب! والعكس صحيح، فالشيخ: محمد يحترم ويجل العلماء، حتى الذين يخالفونه، ودليل ذلك ما حصل منه من مراسلة العلماء في عصره.
خامساً: وإني أقول: إن اختلاف العلماء نقمة، يقولون هذا كذب علي.
سادساً: أني أكفر من توسل بالصالحين.
وسابعاً -والترقيم من عندي-: وإني أكفر البوصيري في قوله: يا أكرم الخلق.
وثامناً: وإني أقول: لو أقدر على هدم قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهدمتها.
وتاسعاً: ولو أقدر على الكعبة لأخذت ميزابها وجعلت لها ميزاباً من خشب.
وعاشراً: وإني أحرم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
والحادي عشر: وإني أنكر زيارة قبر الوالدين وغيرهما.
والثاني عشر: وإني أكفر من حلف بغير الله، وكل هذه اتهامات اتهمني بها الخصم.
المقدم: وفيها شيء من التلبيس.
الشيخ: والثالث عشر: إني أكفر ابن الفارض وابن عربي.
والرابع عشر: أني أحرق (دلائل خيرات) و (روض الرياحين)، وأسميه: (روض الشياطين).
فهذه نماذج ما ثبت عن الشيخ؛ لأنه وثقها بكتابته، والخصوم لم ينكروا ما يقولونه، بل جادلوه فيها في عدة رسائل، ورده على الرسائل موجودة، مع العلم أن هناك أعظم من ذلك، مثل دعواهم أنه يبغض النبي صلى الله عليه وسلم! تأمل إلى الجواب الموجز، فقد نسف هذه المفتريات بسطرين، ولم يرد عليها واحدة واحدة، مع أنه في رسائل أخرى رد على بعضها بشيء من التفصيل، وفي رسائل أخرى كفاه العلماء في وقته بالرد، وهو منشغل بالتأصيل والتأسيس وانطلاق الدعوة، ثم قال: جوابي عن هذه المسائل أن أقول: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور:16].
يعني: أن كل ما قيل عليه تبرأ منه، وطبعاً سيستثني المسائل التي فيها لبس، وقبله وجد من بهت محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه يسب عيسى بن مريم ويسب الصالحين، فتشابهت قلوبهم بافتراء الكذب وقول الزور.
ثم ذكر قوله عز وجل: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [النحل:105]، وبهتوا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يقول: إن الملائكة وعيسى وعزيراً في النار، فأنزل الله في ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء:101].
ثم فصل بعض التفصيل في بعض المسائل التفصيل المنهجي العلمي الموضوعي.
ثم قال رحمه الله تعالى: وأما المسائل الأخرى