ثالثاً: أن هذا الواقع أو المجتمع الذي نعيشه الآن يعتبر امتداداً لهذه الدعوة ودولتها؛ لأنه من المميزات الإيجابية لهذه الدعوة أنها أقامت كياناً يجمع بين الدعوة الإصلاحية والدولة، أعني: الدولة السعودية الثالثة -تسمى تاريخياً- التي أقامها الملك عبد العزيز رحمه الله ولا يزال أبناؤه وأحفاده على هذا العهد إن شاء الله، ونسأل الله أن يوفقهم للخير، وهذا المجتمع الذي نعيشه قد دخله الخلل، لكن ليس من جانب سلبيات هذه الدعوة نفسها، ولم يصل هذا الخلل إلى هز الثوابت، لكنه خلل قد يكون حجة علينا، لذا فأقول: إن الواقع الذي تعيشه الدعوة كمجتمع وككيان ممثلة بالدولة السعودية القائمة الآن، ثم أيضاً بالكيان المجاور من الدول المتأثرة المجاورة وغير المجاورة أيضاً، بل في جميع العالم متمثلة بفئات تعتمد منهج السنة والجماعة، وإن لم تكن كيانات دولية أو كيانات اجتماعية، فهذا هو الواقع الذي نعيشه، وهو حجة، بمعنى: أنه منظور، وأعود فأنبه على أنه قد توجد إشكاليات على هذه الدعوة ممن ينتسبون إليها، بل والآن يسيئون إليها، ومن هذه الإشكاليات: التكفير والغلو، أو الانفلات الذي يوجد من بعض أبناء جلدتنا، يعني: انفلات التميع، أو الغلو الذي نتج عنه الحركات المتشددة والتكفير والتفجير ونحوه، وهذا كله خارج نطاق المنهج الذي ندعو إليه، ونحن أول من أنكرها، ولا زلنا نعاني منها ونحاول علاجها أو نسهم في علاجها، ونتمنى أنه لو تبصر عقلاء العالم لوجدوا أن العلاج لهذه المظاهر ينبغي أن يكون من المنابع الموثوقة، التي هي مصادر هذه الدعوة المباركة؛ لأن الكثيرين مع الأسف ينتسبون إليها، وهذا يوجد إشكالية.
إذاً فأقول: إن الاعتدال والمنهج الوسط لعموم أتباع هذه الدعوة، من دولة ومجتمع ومشايخ وعلماء وطلاب علم ومراكز بحث وجامعات يعتبر كياناً موجوداً في هذه الدولة المباركة، لكن مع الأسف هناك نوع -كما قلت- من الانتقائية، والآن خصومنا سواء من الكفار أو من أهل الأهواء أو البدع يحسبون علينا هذه الشذوذات والتجاوزات، ومن هنا تأتي الإشكالية، فهم لا ينصفون ولا يأخذون بقواعد العدل والموضوعية، بل ولا بالديمقراطية التي ينادون بها.